تنبيه قوله (قد خيرت فاخترت) يدل على أنه فهم من الآية التخيير واستشكل فهم التخيير منها حتى أقدم جماعة من الأكابر على الطعن في صحة هذا الحديث مع كثرة طرقه واتفاق الشيخين وسائر الذين خرجوا الصحيح على تصحيحه وذلك ينادي على منكري صحته بعدم معرفة الحديث وقلة الاطلاع على طرقه قال الحافظ والسبب في إنكارهم صحته ما تقرر عندهم مما قدمناه وهو الذي فهمه عمر رضي الله عنه من حمل أو على التسوية لما يقتضيه ساق القصة وحمل السبعين على المبالغة قال ابن المنير ليس عند البيان تردد أن التخصيص بالعدد في هذا السياق غير مراد قال وقد أجاب بعض المتأخرين عن ذلك بأنه إنما قال سأزيد على السبعين استمالة لقلوب عشيرته لأنه أراد إن زاد على السبعين يغفر له ويؤيده تردده في ثاني حديثي الباب حيث قال لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت لكن قدمنا أن الرواية ثبتت بقوله سأزيد ووعده صادق ولا سيما وقد ثبت قوله وأجاب بعضهم باحتمال أن يكون فعل ذلك استصحابا للحال لأن جواز المغفرة بالزيادة كان ثابتا قبل مجئ الآية فجاز أن يكون باقيا على أصله في الجواز وهذا جواب حسن وحاصله أن العمل بالبقاء على حكم الأصل مع فهم المبالغة لا يتنافيان فكأنه جوز أن المغفرة تحصل بالزيادة على السبعين لا أنه جازم بذلك ولا يخفى ما فيه قال ووقع في أصل هذه القصة إشكال آخر وذلك أنه أطلق أنه خير بين الاستغفار لهم وعدمه بقوله تعالى استغفر لهم أو لا تستغفر لهم وأخذ بمفهوم العدد من السبعين فقال سأزيد عليها مع أنه قد سبق قبل ذلك بمدة طويلة نزول قوله تعالى ما كان للنبي والذي آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى فإن هذه الآية نزلت في قصة أبي طالب حين قال لأستغفرن لك ما لم أنه عنك فنزلت وكانت وفاة أبي طالب بمكة قبل الهجرة اتفاقا وقصة عبد الله بن أبي هذه في السنة التاسعة من
(٣٩٤)