قوله (عن داود الأودي) الظاهر أن داود هذا هو داود بن عبد الله الأودي الزعافري بالزاي والمهملة وبالفاء أو العلاء الكوفي ثقة من السادسة وهو غيرهم عبد الله بن إدريس (عن عبد الله) هو ابن مسعود قوله (من سره أن ينظر إلى الصحيفة التي عليها خاتم محمد فليقرأ هؤلاء الآيات) كناية عن أن هذه الآيات محكمات غير منسوخات وقال ابن عباس هذه الآيات محكمات في جميع الكتب لم ينسخهن شئ وهن محرمات على بني آدم كلهم وهن أم الكتاب من عمل بهن دخل الجنة ومن تركهن دخل النار ذكره الخازن وروى نحوه الحاكم في المستدرك قل يا محمد تعالوا أي هلموا وأقبلوا أتل ما حرم ربكم عليكم أي أقرأ وأقص عليكم وأخبر كم بما حرم ربكم عليكم حقا لا تخرصا ولا ظنا بل وحيا منه وأمرا من عنده وبقية الآيات مع تفسيرها هكذا أن لا تشركوا به شيئا كأن في الكلام محذوفا دل عليه السياق وتقديره وأوصاكم أن لا تشركوا به شيئا ولهذا قال في آخر الآية ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون وقال النيسابوري في تفسيره فإن قيل قوله أن لا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا كالتفصيل لما أجمله في قوله ما حرم فيلزم أن يكون ترك الشرك والإحسان إلى الوالدين محرما فالجواب أن المراد من التحريم البيان المضبوط أو الكلام تم عند قوله ما حرم ربكم ثم ابتدأ فقال عليكم أن لا تشركوا أو أن مفسرة أي ذلك التحريم هو قوله لا تشركوا وهذا في النواهي واضح وأما الأوامر فيعلم بالقرينة أن التحريم راجع إلى أضدادها وهي الإساءة إلى الوالدين وبخس الكيل والميزان وترك العدل في القول ونكث عهد الله ولا يجوز أن يجعل ناصبة وإلا لزم عطف الطلب أعني الأمر على الخبر انتهى وبالوالدين إحسانا أي أوصاكم وأمركم بالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم بالوأد من إملاق أي من أجل فقر تخافونه وذلك أنهم كانوا يقتلون البنات خشية العار وربما قتلوا بعض الذكور خشية الافتقار نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش أي الكبائر كالزنا ما ظهر منها وما بطن أي علانيتها وسرها ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق إنما أفرده بالذكر تعظيما لأمر القتل وأنه من أعظم الفواحش والكبائر وقيل إنما أفرده بالذكر لأنه تعالى أراد أن يستثنى منه ولا يمكن ذلك الاستثناء من جملة الفواحش إلا كالقود وحد الردة ورجم المحصن ذلكم أي المذكور وصاكم به يعني بالإفراد فلذلك قال ولا تقتلوا النفس
(٣٥٥)