قلت لأحمد إنهم يقولون إن عائشة قالت من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية فبأي شئ يدفع قولها بقول النبي رأيت ربي قول النبي أكبر من قولها وقد أنكر صاحب الهدى على من زعم أن أحمد قال رأى ربه بعيني رأسه قال وإنما قال مرة رأى محمد ربه وقال مرة بفؤاده وحكى عنه بعض المتأخرين رآه بعيني رأسه وهذا من تصرف الحاكي فإن نصوصه موجودة انتهى كلام الحافظ والله يقول لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير وجه الاستدلال بها أن الله عز وجل نفى أن تدركه الأبصار وعدم الإدراك يقتضي نفي الرؤية وأجاب مثبتو الرؤية بأن المراد بالإدراك الإحاطة وهم يقولون بهذا أيضا وعدم الإحاطة لا يستلزم نفي الرؤية وقال النووي لم تنف عائشة الرؤية بحديث مرفوع ولو كان معها فيه حديث لذكرته وإنما اعتمدت الاستنباط على ما ذكرت من ظاهر الآية وقد خالفها غيرها من الصحابة والصحابي إذا قال قولا وخالفه غيره منهم لم يكن ذلك القول حجة اتفاقا قال الحافظ جزم النووي بأن عائشة لم تنف الرؤية بحديث مرفوع عجيب فقد ثبت ذلك عنها في صحيح مسلم الذي شرحه الشيخ فعنده من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق قال مسروق وكنت متكئا فجلست فقلت ألم يقل الله ولقد رآه نزلة أخرى فقالت أنا أول هذه الأمة سأل رسول الله عن ذلك فقال إنما هو جبريل وأخرجه ابن مردويه من طريق أخرى عن داود بهذا الإسناد فقالت أنا أول من سأل رسول الله عن هذا فقلت يا رسول الله هل رأيت ربك فقال لا إنما رأيت جبريل منهبطا وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب تمام الآية أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ووجه الاستدلال بها أن الله تعالى حصر تكليمه لغيره في ثلاثة أوجه وهي الوحي بأن يلقى في روعه ما يشاء أو يكلمه بغير واسطة من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيبلغه عنه فيستلزم ذلك انتفاء الرؤية عنه حالة التكلم وأجابوا عنه بأن ذلك لا يستلزم نفي الرؤية مطلقا وغاية ما يقتضي نفي تكليم الله على غيره الأحوال الثلاثة فيجوز أن التكليم لم يقع حالة الرؤية (أنظريني) من الانظار أي أمهليني لا
(٣٥٢)