وأصله موزان فقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها واختلف في ذكره هنا بلفظ الجمع هل المراد ان لكل شخص ميزانا أو لكل عمل ميزان فيكون الجمع حقيقة أوليس هناك الا ميزان واحد والجمع باعتبار تعدد الأعمال أو الاشخاص ويدل على تعدد الأعمال قوله تعالى ومن خفت موازينه ويحتمل أن يكون الجمع للتفخيم كما في قوله تعالى كذبت قوم نوح المرسلين مع أنه لم يرسل إليهم الا واحد والذي يترجح انه ميزان واحد ولا يشكل بكثرة من يوزن عمله لان أحوال القيامة لا تكيف بأحوال الدنيا والقسط العدل وهو نعت الموازين وإن كان مفردا وهي جمع لأنه مصدر قال الطبري القسط العدل وجعل وهو مفرد من نعت الموازين وهي جمع لأنه كقولك عدل ورضا وقال أبو إسحاق الزجاج المعنى ونضع الموازين ذوات القسط والقسط العدل وهو مصدر يوصف به يقال ميزان قسط وميزانان قسط وموازين قسط وقيل هو مفعول من أجله أي لأجل القسط واللام في قوله ليوم القيامة للتعليل مع حذف مضاف أي لحساب يوم القيامة وقيل هي بمعنى في كذا جزم به ابن قتيبة واختاره ابن مالك وقيل للتوقيت كقول النابغة توهمت آيات لها فعرفتها * لستة أعوام وذا العام سابع وحكى حنبل بن إسحاق في كتاب السنة عن أحمد بن حنبل أنه قال ردا على من أنكر الميزان ما معناه قال الله تعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيامة وذكر النبي صلى الله عليه وسلم الميزان يوم القيامة فمن رد على النبي صلى الله عليه وسلم فقد رد على الله عز وجل (قوله وان أعمال بني آدم وقولهم يوزن) كذا للأكثر وللقابسي وطائفة وأقوالهم بصيغة الجمع وهو المناسب للأعمال وظاهره التعميم لكن خص منه طائفتان فمن الكفار من لا ذنب له الا الكفر ولم يعمل حسنة فإنه يقع في النار من غير حساب ولا ميزان ومن المؤمنين من لا سيئة له وله حسنات كثيرة زائدة على محض الايمان فهذا يدخل الجنة بغير حساب كما في قصة السبعين ألفا ومن شاء الله ان يلحقه بهم وهم الذين يمرون على الصراط كالبرق الخاطف وكالريح وكأجاويد الخيل ومن عدا هذين من الكفار والمؤمنين يحاسبون وتعرض أعمالهم على الموازين ويدل على محاسبة الكفار ووزن أعمالهم قوله تعالى في سورة المؤمنين فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم إلى قوله ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ونقل القرطبي عن بعض العلماء أنه قال الكافر لا ثواب له وعمله مقابل بالعذاب فلا حسنة له توزن في موازين القيامة ومن لا حسنة له فهو في النار واستدل بقوله تعالى فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا وبحديث أبي هريرة وهو في الصحيح في الكافر لا يزن عند الله جناح بعوضة وتعقب انه مجاز عن حقارة قدره ولا يلزم منه عدم الوزن وحكى القرطبي في صفة وزن عمل الكافر وجهين أحدهما ان كفره يوضع في الكفة ولا يجد له حسنة يضعها في الأخرى فتطيش التي لا شئ فيها قال وهذا ظاهر الآية لأنه وصف الميزان بالخفة لا الموزون ثانيهما قد يقع منه العتق والبر والصلة وسائر أنواع الخير المالية مما لو فعلها المسلم لكانت له حسنات فمن كانت له حسنات جمعت ووضعت غير أن الكفر إذا قابلها رجح بها (قلت) ويحتمل ان يجازى بها عما يقع منه من ظلم العباد مثلا فان استوت عذب بكفره مثلا فقط والا زيد عذابه بكفره أو خفف عنه كما في قصة أبي طالب قال أبو إسحاق الزجاج أجمع أهل السنة على الايمان بالميزان وان أعمال العباد توزن يوم القيامة وان الميزان
(٤٤٩)