من غيرها وقد وافق الزمخشري على ذلك في قوله تعالى فلا تقل لهما أف فإنه أدل على نفي الضرب من أن لو قال ولا تضربهما وقال إنها من نكت علم البيان ثم غفل عنها اتباعا لهواه وأما ادعاؤه فك النظم فلا يلزم منه بطلان الحجة لان فكه لما هو أبلغ سائغ بل أكمل لمراعاة البلاغة ثم قال ولم لا تكون الآية مخبرة عن أن كل عمل للعبد فهو خلق للرب فيندرج فيه الرد على المشركين مع مراعاة النظم ومن قيد الآية بعمل العبد دون عمل فعليه الدليل والأصل عدمه وبالله التوفيق وأجاب البيضاوي بأن دعوى أنها مصدرية أبلغ لان فعلهم إذا كان بخلق الله تعالى فالمتوقف على فعلهم أولى بذلك ويترجح أيضا بأن غيره لا يخلو من حذف أو مجاز وهو سالم من ذلك والأصل عدمه وقال الطيبي وتكملة ذلك أن يقال تقرر عند علماء البيان أن الكناية أولى من التصريح فإذا نفى الحكم العام لينتفي الخاص كان أقوى في الحجة وقد سلك صاحب الكشاف هذا بعينه في تفسير قوله تعالى كيف تكفرون بالله الآية وقال ابن المنير يتعين حمل ما على المصدرية لانهم لم يعبدوا الأصنام من حيث هي حجارة أو خشب عارية عن الصورة بل عبدوها لاشكالها وهي أثر عملهم ولو عملوا نفس الجواهر لما طابق توبيخهم بأن المعبود من صنعة العابد قال والمخالفون موافقون أن جواهر الأصنام ليست عملا لهم فلو كان كما ادعوه لاحتاج إلى حذف أي والله خلقكم وما تعملون شكله وصورته والأصل عدم التقدير وقد جاء التصريح في الحديث الصحيح بمعنى الذي تقدمت الإشارة إليه في باب قوله كل يوم هو في شأن عن حذيفة رفعه أن الله خلق كل صانع وصنعته وقال غيره قول من ادعى أن المراد بقوله وما تعملون نفس العيدان والمعادن التي تعمل منها الأوثان باطل لان أهل اللغة لا يقولون إن الانسان يعمل العود أو الحجر بل يقيدون ذلك بالصنعة فيقولون عمل العود صنما والحجر وثنا فمعنى الآية أن الله خلق الانسان وخلق شكل الصنم وأما الذي نحت أو صاغ فإنما هو عمل النحت والصياغة وقد صرحت الآية بذلك والذي عمله هو الذي وقع التصريح بأن الله تعالى هو الذي خلقه وقال التونسي في مختصر تفسير الفخر الرازي احتج الأصحاب بهذه الآية على أن عمل العبد مخلوق لله على اعراب ما مصدرية وأجاب المعتزلة بأن إضافة العبادة والنحت لهم إضافة الفعل للفاعل ولأنه وبخهم ولو لم تكن الافعال لخلقهم لما وبخهم قالوا ولا نسلم انها مصدرية لان الأخفش يمنع أعجبني ما قمت أي قيامك وقال إنه خاص بالمتعدي سلمنا جوازه لكن لا يمنع ذلك من تقدير ما مفعولا للنحاتين ولموافقة ما ينحتون ولان العرب تسمي محل العمل عملا فتقول في الباب هو عمل فلان ولان القصد هو تزييف عبادتهم لا بيان أنهم لا يوجدون أعمال أنفسهم قال وهذه شبهة قوية فالأولى ان لا يستدل بهذه الآية لهذا المراد كذا قال وجرى على عادته في إيراد شبه المخالفين وترك بذل الوسع في أجوبتها وقد أجاب الشمس الأصبهاني في تفسيره وهو ملخص من تفسير الفخر فقال وما تعملون أي عملكم وفيها دليل على أن أفعال العباد مخلوقة لله وعلى أنها مكتسبة للعباد حيث أثبت لهم عملا فأبطلت مذهب القدرية والجبرية معا وقد رجح بعض العلماء كونها مصدرية لانهم لم يعبدوا الأصنام الا لعملهم لا لجرم الصنم والا لكانوا يعبدونها قبل العمل فكأنهم عبدوا العمل فأنكر عليهم عبادة المنحوت الذي لم ينفك عن العمل المخلوق وقال الشيخ تقي الدين بن تيمية في الرد على الرافضي لا نسلم أنها موصولة ولكن لا حجة فيها للمعتزلة لان قوله تعالى والله خلقكم يدخل فيه
(٤٤٢)