عدل عن كذا إذا مال عنه وكذلك قسط إذ عدل عن الحق وأقسط كأنه لزم القسط وهو العدل قال الله تعالى وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا وقال النبي صلى الله عليه وسلم المقسطون على منابر من نور انتهى وكان من حقه ان يستشهد للمعنى الثاني بالآية الأخرى وهي قوله تعالى ان الله يحب المقسطين وهي في المائدة وفي الحجرات والحديث الذي ذكره صحيح أخرجه مسلم وفي الصحيح عن أبي هريرة رفعه في ذكر عيسى بن مريم ينزل حكما مقسطا وفي الأسماء الحسنى المقسط قال الحليمي هو المعطي عباده القسط وهو العدل من نفسه وقد يكون معناه المعطي (2) لكل منهم قسطا من خيره وقوله كأنه لزم القسط يشير إلى أن الهمزة فيه للسلب وبذلك جزم صاحب النهاية وذكر ابن القطاع ان قسط من الأضداد وقد أجاب ابن بطال عن اعتراض من اعترض على قول البخاري مصدر المقسط فقال أراد بالمصدر ما حذفت زوائده كقول الشاعر * وان أهلك فذلك حين قدري * أي تقديري فرده إلى أصله وانما تحذف العرب الزوائد لترد الكلمة إلى أصلها واما المصدر المقسط الجاري على فعله فهو الأقساط وقال الكرماني المراد بالمصدر المحذوف الزوائد نظرا إلى أصله فهو مصدر مصدره إذ لا خفاء ان المصدر الجاري على فعله هو الأقساط فان قيل المزيد لا بد أن يكون من جنس المزيد عليه (قلت) اما ان يكون من القسط بالكسر واما ان يكون من القسط بالفتح الذي هو بمعنى الجور والهمزة للسلب والإزالة (قوله حدثنا أحمد بن أشكاب) بكسر الهمزة وسكون المعجمة وآخره موحدة غير منصرف لأنه أعجمي وقيل بل عربي فينصرف وهو لقب واسمه مجمع وقيل معمر وقيل عبيد الله وكنية أحمد أبو عبد الله وهو الصفار الحضرمي نزيل مصر قال البخاري آخر ما لقيته بمصر سنة سبع عشرة وأرخ ابن حبان وفاته فيها وقال ابن يونس مات سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة (قلت) وليس بينه وبين علي بن أشكاب ولا محمد بن أشكاب قرابة (قوله حدثنا محمد بن فضيل) أي ابن غزوان بفتح المعجمة وسكون الزاي ولم أر هذا الحديث الا من طريقه بهذا الاسناد وقد تقدم في الدعوات وفي الايمان والنذور وأخرجه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان كلهم من طريقه قال الترمذي حسن صحيح غريب (قلت) وجه الغرابة فيه ما ذكرته من تفرد محمد بن فضيل وشيخه وشيخ شيخه وصحابيه (قوله عن عمارة) في رواية قتيبة عن ابن فضيل حدثنا عمارة وقد تقدمت في الايمان والنذور (قوله كلمتان حبيبتان إلى الرحمن) كذا في هذه الرواية بتقديم حبيبتان وتأخير ثقيلتان وقد تقدم في الدعوات وفي الايمان والنذور بتقديم خفيفتان وتأخير حبيبتان وهي رواية مسلم عن زهير بن حرب ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبي كريب ومحمد بن طريف وكذا عند الباقين ممن تقدم ذكره ومن سيأتي عن شيوخهم وفي قوله كلمتان إطلاق كلمة على الكلام وهو مثل كلمة الاخلاص وكلمة الشهادة وقوله كلمتان هو الخبر وحبيبتان وما بعدها صفة والمبتدأ سبحان الله إلى آخره والنكتة في تقديم الخبر تشويق السامع إلى المبتدأ وكلما طال الكلام في وصف الخبر حسن تقديمه لان كثرة الأوصاف الجميلة تزيد السامع شوقا وقوله حبيبتان أي محبوبتان والمعنى محبوب قائلهما ومحبة الله للعبد تقدم معناها في كتاب الرقاق وقوله ثقيلتان في الميزان هو موضع الترجمة لأنه مطابق لقوله وان أعمال بني آدم توزن قال الكرماني فان قيل فعيل بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث ولا سيما إذا كان موصوفه معه فلم عدل عن
(٤٥١)