التذكير إلى التأنيث فالجواب ان ذلك جائز لا واجب وأيضا فهو في المفرد لا المثنى سلمنا لكن أنث لمناسبة الثقيلتين والخفيفتين أو لأنها بمعنى الفاعل لا المفعول والتاء لنقل اللفظة من الوصفية إلى الاسمية وقد يطلق على ما لم يقع لكنه متوقع كمن يقول خذ ذبيحتك للشاة التي لم تذبح فإذا وقع عليها الفعل فهي ذبيح حقيقة وخص لفظ الرحمن بالذكر لان المقصود من الحديث بيان سعة رحمة الله تعالى على عباده حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الكثير (قوله خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان) وصفهما بالخفة والثقل لبيان قلة العمل وكثرة الثواب وفي هذه الألفاظ الثلاثة سجع مستعذب وقد تقدم في الدعوات بيان الجائز منه والمنهي عنه وكذا في الحدود في حديث سجع كسجع الكهان والحاصل ان المنهي عنه ما كان متكلفا أو متضمنا لباطل لا ما جاء عفوا عن غيره قصد إليه وقوله خفيفتان فيه إشارة إلى قلة كلامهما وأحرفهما ورشاقتهما قال الطيبي الخفة مستعارة للسهولة وشبه سهولة جريانهما على اللسان بما خف على الحامل من بعض الأمتعة فلا تتعبه كالشئ الثقيل وفيه إشارة إلى أن سائر التكاليف صعبة شاقة على النفس ثقيلة وهذه سهلة عليها مع أنها تثقل الميزان كثقل الشاق من التكاليف وقد سئل بعض السلف عن سبب ثقل الحسنة وخفة السيئة فقال لان الحسنة حضرت مرارتها وغابت حلاوتها فثقلت فلا يحملنك ثقلها على تركها والسيئة حضرت حلاوتها وغابت مرارتها فلذلك خفت فلا يحملنك خفتها على ارتكابها (قوله سبحان الله) تقدم معناه في باب فضل التسبيح من كتاب الدعوات (قوله وبحمده) قيل الواو للحال والتقدير أسبح الله متلبسا بحمدي له من أجل توفيقه وقيل عاطفة والتقدير أسبح الله وألتبس بحمده ويحتمل أن يكون الحمد مضافا للفاعل والمراد من الحمد لازمه أو ما يوجب الحمد من التوفيق ونحوه ويحتمل أن تكون الباء متعلقة بمحذوف متقدم والتقدير وأثنى عليه بحمده فيكون سبحان الله جملة مستقلة وبحمده جملة أخرى وقال الخطابي في حديث سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أي بقوتك التي هي نعمة توجب علي حمدك سبحتك لا بحولي وبقوتي كأنه يريد أن ذلك مما أقيم فيه السبب مقام المسبب واتفقت الروايات عن محمد بن فضيل على ثبوت وبحمده الا أن الإسماعيلي قال بعد أن أخرجه من رواية زهير بن حرب وأحمد بن عبدة وأبي بكر بن أبي شيبة والحسين بن علي بن الأسود عنه لم يقل أكثرهم وبحمده (قلت) وقد ثبت من رواية زهير بن حرب عند الشيخين وعند مسلم عن بقية من سميت من شيوخه والترمذي عن يوسف بن عيسى والنسائي عن محمد بن آدم وأحمد بن حرب وابن ماجة عن علي بن محمد وعلي بن المنذر وأبو عوانة عن محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي وابن حبان أيضا من رواية محمد بن عبد الله بن نمير كلهم عن محمد بن فضيل كأنها سقطت من رواية أبي بكر وأحمد بن عبدة والحسين (قوله سبحان الله العظيم) هكذا عند الأكثر بتقديم سبحان الله وبحمده على سبحان الله العظيم وتقدم في الدعوات عن زهير بن حرب بتقديم سبحان الله العظيم على سبحان الله وبحمده وكذا هو عند أحمد بن حنبل عن محمد بن فضيل وكذا عند جميع من سميته قبل وقد وقع لي بعلو في كتاب الدعاء لمحمد بن فضيل من رواية علي بن المنذر عنه بثبوت وبحمده وتقديم سبحان الله وبحمده قال ابن بطال هذه الفضائل الواردة في فضل الذكر انما هي لأهل الشرف في الدين والكمال كالطهارة من الحرام والمعاصي العظام فلا تظن ان من أدمن الذكر وأصر على ما شاءه من
(٤٥٢)