وعند الهبوط كان موسى في السابعة لأنه لم يذكر في القصة أن إبراهيم كلمه في شئ مما يتعلق بما فرض الله على أمته من الصلاة كما كلمه موسى والسماء السابعة هي أول شئ انتهى إليه حالة الهبوط فناسب ان يكون موسى بها لأنه هو الذي خاطبه في ذلك كما ثبت في جميع الروايات ويحتمل ان يكون لقي موسى في السادسة فأصعد معه إلى السابعة تفضيلا له على غيره من أجل كلام الله تعالى وظهرت فائدة ذلك في كلامه مع المصطفى فيما يتعلق بأمر أمته في الصلاة وقد أشار النووي إلى شئ من ذلك والعلم عند الله تعالى (قوله فقال موسى رب لم أظن أن ترفع علي أحدا) كذا للأكثر بفتح المثناة ثم ترفع واحدا بالنصب وفي رواية الكشميهني أن يرفع بضم التحتانية أوله واحد بالرفع قال ابن بطال فهم موسى من اختصاصه بكلام الله تعالى له في الدنيا دون غيره من البشر لقوله اني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ان المراد بالناس هنا البشر كلهم وأنه استحق بذلك ان لا يرفع أحد عليه فلما فضل الله محمدا عليه عليهما الصلاة والسلام بما أعطاه من المقام المحمود وغيره ارتفع على موسى وغيره بذلك ثم ذكر الاختلاف في أن الله سبحانه وتعالى في ليلة الاسراء كلم محمدا صلى الله عليه وسلم بغير واسطة أو بواسطة والخلاف في وقوع الرؤية للنبي صلى الله عليه وسلم بعين رأسه أو بعين قلبه في اليقظة أو في المنام وقد مضى بيان الاختلاف في ذلك في تفسير سورة النجم بما يغني عن اعادته (قوله ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه الا الله حتى جاء سدرة المنتهى) كذا وقع في رواية شريك وهو مما خالف فيه غيره فان الجمهور على أن سدرة المنتهى في السابعة وعند بعضهم في السادسة وقد قدمت وجه الجمع بينهما عند شرحه ولعل في السياق تقديما وتأخيرا وكان ذكر سدرة المنتهى قبل ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه الا الله وقد وقع في حديث أبي ذر ثم عرج بي حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقد تقدم تفسير المستوى والصريف عند شرحه في أول كتاب الصلاة ووقع في رواية ميمون بن سياه عن أنس عند الطبري بعد ذكر إبراهيم في السابعة فإذا هو بنهر فذكر أمر الكوثر قال ثم خرج إلى سدرة المنتهى وهذا موافق للجمهور ويحتمل ان يكون المراد بما تضمنته هذه الرواية من العلو البالغ لسدرة المنتهى صفة أعلاها وما تقدم صفة أصلها (قوله ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى) في رواية ميمون المذكورة فدنا ربك عز وجل فكان قاب قوسين أو أدنى قال الخطابي ليس في هذا الكتاب يعني صحيح البخاري حديث أشنع ظاهرا ولا أشنع مذاقا من هذا الفصل فأنه يقتضي تحديد المسافة بين أحد المذكورين وبين الآخر وتمييز مكان كل واحد منهما هذا إلى ما في التدلي من التشبيه والتمثيل له بالشئ الذي تعلق من فوق إلى أسفل قال فمن لم يبلغه من هذا الحديث الا هذا القدر مقطوعا عن غيره ولم يعتبره بأول القصة وآخرها اشتبه عليه وجهه ومعناه وكان قصاراه ما رد الحديث من أصله واما الوقوع في التشبيه وهما خطتان مرغوب عنهما واما من اعتبر أول الحديث بآخره فإنه يزول عنه الاشكال فأنه مصرح فيهما بأنه كان رؤيا لقوله في أوله وهو نائم وفي آخره استيقظ وبعض الرؤيا مثل يضرب ليتأول على الوجه الذي يجب أن يصرف إليه معنى التعبير في مثله وبعض الرؤيا لا يحتاج إلى ذلك بل يأتي كالمشاهدة (قلت) وهو كما قال ولا التفات إلى من تعقب كلامه بقوله في الحديث الصحيح ان رؤيا الأنبياء وحي فلا يحتاج إلى تعبير لأنه كلام من لم يمعن النظر في هذا المحل فقد تقدم في كتاب التعبير أن بعض مرأى
(٤٠٢)