وعليها اقتصر ابن التين (قوله لقوله تعالى فاذكروني أذكركم) قال البخاري في كتاب خلق أفعال العباد بين بهذه الآية ان ذكر العبد غير ذكر الله عبده لان ذكر العبد الدعاء والتضرع والثناء وذكر الله الإجابة ثم ذكر حديث عمر رفعه يقول الله تعالى من شغله ذكري عن مسئلتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين قال ابن بطال معنى قوله باب ذكر الله بالامر ذكر الله عباده بأن أمرهم بطاعته ويكون من رحمته لهم وانعامه عليهم إذا أطاعوه أو بعذابه إذا عصوه وذكر العباد لربهم ان يدعوه ويتضرعوا إليه ويبلغوا رسالاته إلى الخلق قال ابن عباس في قوله تعالى اذكروني أذكركم إذا ذكر العبد ربه وهو على طاعته ذكره برحمته وإذا ذكره وهو على معصيته ذكره بلعنته قال ومعنى قوله اذكروني أذكركم اذكروني بالطاعة أذكركم بالمعونة وعن سعيد بن جبير اذكروني بالطاعة أذكركم بالمغفرة وذكر الثعلبي في تفسير هذه الآية نحو أربعين عبارة أكثرها عن أهل الزهد ومرجعها إلى معنى التوحيد والثواب أو المحبة والوصل أو الدعاء والاجابة واما قوله وذكر العباد بالدعاء إلى آخرة فجميع ما ذكره واضح في حق الأنبياء ويشركهم في الدعاء والتضرع سائر العباد وحكى ابن التين ان ذكر العبد باللسان وعندما يهم بالسيئة فيذكر مقام ربه فيكف ونقل عن الداودي قال قوم ان هذا الذكر أفضل قال وليس كذلك بل قوله بلسانه لا إله إلا الله مخلصا من قلبه أعظم من ذكره بقلبه ووقوفه عن عمل السيئة (قلت) انما كان أعظم لأنه جمع بين ذكر القلب واللسان وانما يظهر التفاضل بصحة التقابل بذكر الله باللسان دون القلب فإنه لا يكون أفضل من ذكره بالقلب في تلك الصورة وأما وقوفه بسبب الذكر عن عمل السيئة فقدر زائد يزداد بسببه فضل الذكر فظهر صحة ما نقله عن القوم دون ما تخيله (قوله واتل عليهم نبأ نوح الخ) قال ابن بطال أشار إلى أن الله ذكر نوحا بما بلغ به من أمره وذكر بآيات ربه وكذلك فرض على كل نبي تبليغ كتابه وشريعته وقال الكرماني المقصود من ذكر هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم مذكور بأنه أمر بالتلاوة على الأمة والتبليغ إليهم ان نوحا كان يذكرهم بآيات الله وأحكامه (قوله غمة هم وضيق) هو تفسير قوله تعالى حكاية عن نوح ثم لا يكن أمركم عليكم غمة وهو بقية الآية المذكورة أولا وهي قوله تعالى واتل عليهم نبأ نوح وحكى ابن التين أن معنى غمة شئ ليس ظاهرا يقال القوم في غمة إذا غطي عليهم أمرهم والتبس ومنه غم الهلال إذا غشيه شئ فغطاه والغم ما يغشى القلب من الكرب (قوله قال مجاهد اقضوا إلى ما في أنفسكم أفرق اقض) وصله الفريابي في تفسيره عن ورقاء بن عمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى ثم اقضوا إلي ولا تنظرون قال اقضوا إلى ما في أنفسكم وحكى بن التين اقضوا إلي افعلوا ما بدا لكم وقال غيره أظهروا الامر وميزوه بحيث لا تبقى شبهة ثم اقضوا بما شئتم من قتل أو غيره من غير امهال واما قوله أفرق اقض فمعناه أظهر الامر وأفصله بحيث لا تبقى شبهة وفي بعض النسخ يقال أفرق اقض فلا يكون من كلام مجاهد ويؤيده إعادة قوله بعده وقال مجاهد (قوله وقال مجاهد وان أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله انسان يأتيه) أي يأتي النبي صلى الله عليه وسلم (فيستمع ما يقول وما انزل عليه فهو آمن حتى يأتيه) في رواية الكشميهني حين يأتيه (فيسمع كلام الله حتى يبلغ مأمنه حيث جاء) وصله الفريابي بالسند المذكور إلى مجاهد في هذه الآية وان أحد من المشركين استجارك انسان يأتيه فيسمع ما يقول وما ينزل عليه فهو آمن
(٤٠٨)