فسمعها مسترقوا السمع هكذا إلى آخر ما ذكر من ذلك وهذا مما يبين ان التفزيع المذكور يقع للملائكة وان الضمير في قلوبهم للملائكة لا للكفار بخلاف ما جزم به من قدمت ذكره من المفسرين وقد وقع في حديث النواس بن سمعان الذي أشرت إليه ما نصه أخذت أهل السماوات منه رعدة خوفا من الله وخروا سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله بما أراد فيمضي به على الملائكة من سماء إلى سماء وفي حديث ابن عباس عند ابن خزيمة وابن مردويه كمر السلسلة على الصفوان فلا ينزل على أهل السماء الا صعقوا فإذا فزع عن قلوبهم إلى آخر الآية ثم يقول يكون العام كذا فيسمعه الجن وعند ابن مردويه من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده لما نزل جبريل بالوحي فزع أهه السماء لانحطاطه وسمعوا صوت الوحي كأشد ما يكون من صوت الحديد على الصفا فيقولون يا جبريل بم أمرت الحديث وعنده وعند ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس لم تكن قبيلة من الجن الا ولهم مقاعد للسمع فكان إذا نزل الوحي سمع الملائكة صوتا كصوت الحديدة ألقيتها على الصفا فإذا سمعت الملائكة ذلك خروا سجدا فلم يرفعوا حتى ينزل فإذا نزل قالوا ماذا قال ربكم فإن كان مما يكون في السماء قالوا الحق وإن كان مما يكون في الأرض من غيث أو موت تكلموا فيه فسمعت الشياطين فينزلون على أوليائهم من الانس وفي لفظ فيقولون يكون العام كذا فيسمعه الجن فتحدثه الكهنة وفي لفظ ينزل الامر إلى السماء الدنيا له وقعة كوقع السلسلة على الصخرة فيفزع له جميع أهل السماوات الحديث فهذه الأحاديث ظاهرة جدا في أن ذلك وقع في الدنيا بخلاف قول من ذكرنا من المفسرين الذين أقدموا على الجزم بان الضمير للكفار وان ذلك يقع يوم القيامة مخالفين لما صح من الحديث النبوي من أجل خفاء معنى الغاية في قوله حتى إذا فزع عن قلوبهم وفي الحديث اثبات الشفاعة وأنكرها الخوارج والمعتزلة وهي أنواع أثبتها أهل السنة منها الخلاص من هول الموقف وهي خاصة بمحمد رسول الله المصطفى صلى الله عليه وسلم كما تقدم بيان ذلك واضحا في الرقاق وهذه لا ينكرها أحد من فرق الأمة ومنها الشفاعة في قوم يدخلون الجنة بغير حساب وخص هذه المعتزلة بمن لا تبعة عليه ومنها الشفاعة في رفع الدرجات ولا خلاف في وقوعها ومنها الشفاعة في إخراج قوم من النار عصاة أدخلوها بذنوبهم وهذه التي أنكروها وقد ثبتت بها الأخبار الكثيرة وأطبق أهل السنة على قبولها وبالله التوفيق * الحديث الرابع حديث أبي هريرة في التغني بالقرآن وقد مضى شرحه في فضائل القرآن وقوله في آخره وقال صاحب له يجهر به في رواية الكشميهني يجهر بالقرآن وقد تقدم بيانه هناك وسيأتي بعد أبواب من وجه آخر مدرجا وأشار بإيراده هنا إلى حديث فضالة بن عبيد الذي أخرجه ابن ماجة من رواية ميسرة مولى فضالة عن فضالة بن عبيد قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لله عز وجل أشد اذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته وذكره البخاري في خلق أفعال العباد عن ميسرة وقوله اذنا بفتح الهمزة والمعجمة أي استماعا * الحديث الخامس حديث أبي سعيد في بعث النار ذكره مختصرا وقد مضى شرحه مستوفى في أواخر الرقاق وقوله يقول الله يا آدم في رواية التفسير يقول الله يوم القيامة يا آدم (قوله فينادي بصوت ان الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار) هذا آخر ما أورد منه من هذه الطريق وقد
(٣٨٥)