لو كان ممن ينطق لقال ذلك وكذا في قول النار هل من مزيد قال وحاصل اختصاصهما افتخار أحدهما على الأخرى بمن يسكنها فتظن النار انها بمن ألقي فيها من عظماء الدنيا أبر عند الله من الجنة وتظن الجنة أنها بمن أسكنها من أولياء الله تعالى أبر عند الله فأجيبتا بأنه لا فضل لاحداهما على الأخرى من طريق من يسكنهما وفي كلاهما شائبة شكاية إلى ربهما إذ لم تذكر كل واحدة منهما الا ما اختصت به وقد رد الله الامر في ذلك إلى مشيئته وقد تقدم كلام النووي في هذا في تفسير ق وقال صاحب المفهم يجوز ان يخلق الله ذلك القول فيما شاء من أجزاء الجنة والنار لأنه لا يشترط عقلا في الأصوات ان يكون محلها حيا على الراجح ولو سلمنا الشرط لجاز ان يخلق الله في بعض أجزائهما الجمادية حياة لا سيما وقد قال بعض المفسرين في قوله تعالى وان الدار الآخرة لهي الحيوان ان كل ما في الجنة حي ويحتمل ان يكون ذلك بلسان الحال والأول أولى (قوله فقالت الجنة يا رب مالها) فيه التفات لان نسق الكلام ان تقول ما لي وقد وقع كذلك في رواية همام ما لي وكذا المسلم عن أبي الزناد (قوله إلا ضعفاء الناس وسقطهم) زاد مسلم وعجزهم وفي رواية له وغرثهم وقد تقدم بيان المراد بالضعفاء في تفسير ق وسقطهم بفتحتين جمع ساقط وهو النازل القدر الذي لا يؤبه له وسقط المتاع رديئه وعجزهم بفتحتين أيضا جمع عاجز ضبطه عياض وتعقبه القرطبي بأنه يلزم ان يكون بتاء التأنيث ككاتب وكتبه وسقوط التاء في هذا الجمع نادر قال والصواب بضم أوله وتشديد الجيم مثل شاهد وشهد وأما غرثهم فهو بمعجمة ومثلثة جمع غرثان أي جيعان ووقع في رواية الطبري بكسر أوله وتشديد الراء ثم مثناة أي غفلتهم والمراد به أهل الايمان الذين لم يتفطنوا للشبه ولم توسوس لهم الشياطين بشئ من ذلك فهم أهل عقائد صحيحة وايمان ثابت وهم الجمهور وأما أهل العلم والمعرفة فهم بالنسبة إليهم قليل (قوله وقالت النار (1) فقال للجنة) كذا وقع هنا مختصرا قال ابن بطال سقط قول النار هنا من جميع النسخ وهو محفوظ في الحديث رواه ابن وهب عن مالك بلفظ أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين (قلت) هو في غرائب مالك للدارقطني وكذا هو عند مسلم من رواية ورقاء عن أبي الزناد وله من رواية سفيان عن أبي الزناد يدخلني الجبارون والمتكبرون وفي رواية محمد بن سيرين عن أبي هريرة ما لي لا يدخلني الا أخرجه النسائي وفي حديث أبي سعيد فقالت النار في أخرجه أبو يعلى وساق مسلم سنده (قوله فقال الله تعالى للجنة أنت رحمتي) زاد أبو الزناد في روايته ارحم بك من أشاء من عبادي وكذا لهمام (قوله وقال للنار أنت عذابي أصيب بك من أشاء) زاد أبو الزناد من عبادي (قوله ملؤها) بكسر أوله وسكون اللام بعدها همزة (قوله فأما الجنة فان الله لا يظلم من خلقه أحدا وانه ينشئ للنار من يشاء) قال أبو الحسن القابسي المعروف في هذا الموضع ان الله ينشئ للجنة خلقا واما النار فيضع فيها قدمه قال ولا اعلم في شئ من الأحاديث أنه ينشئ للنار خلقا الا هذا انتهى وقد مضى في تفسير سورة ق من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة يقال لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد فيضع الرب عليها قدمه فتقول قط قط ومن طريق همام بلفظ فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول قط قط فهناك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحدا وتقدم هناك بيان اختلافهم في المراد بالقدم مستوفى وأجاب عياض بأن أحد ما قيل في تأويل القدم انهم قوم تقدم في علم الله انه يخلقهم قال فهذا مطابق للانشاء
(٣٦٧)