غيره الرحمن خاص في التسمية عام في الفعل والرحيم عام في التسمية خاص في الفعل انتهى وقد تقدم شئ من هذا في أوائل التوحيد في باب قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى وتكلم أهل العربية على الحكمة في تذكير قريب مع أنه وصف الرحمة فقال الفراء قريبة وبعيدة ان أريد بها النسب ثبوتا ونفيا فتؤنث جزما فتقول فلانة قريبة أو ليست قريبة لي فان أريد المكان جاز الوجهان لان صفة المكان فتقول فلانة قريبة وقريب إذا كانت في مكان غير بعيد ومنه قوله عشية لا عفراء منك قريبة * فتدنو ولا عفراء منك بعيد ومنه قول امرؤ القيس * له الويل ان أمسى ولا أم سالم * قريب البيت وأما قول بعضهم سبيل المذكر والمؤنث أن يجريا على أفعالهما فمردود لأنه رد الجائز بالمشهور وقال تعالى وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا وقال أبو عبيدة قريب من قوله تعالى قريب من المحسنين ليس وصفا للرحمة انما هو ظرف لها فجاز في التأنيث والتذكير ويصلح للجمع والمثنى والمفرد ولو أريد بها الصفة لوجبت المطابقة وتعقبه الأخفش بأنها لو كانت ظرفا لنصبت وأجيب بأنه يتسع في الظرف ووراء ذلك أجوبة أخرى متقاربة ويقال ان أقواها قول أبي عبيدة فقيل هي صفة لموصوف محذوف أي شئ قريب وقيل لما كانت بمعنى الغفران أو العفو أو المطر أو الاحسان حملت عليه وقيل الرحم بالضمة والرحمة بمعنى واحد فذكر باعتبار الرحم وقيل المعنى انها ذات قرب كقولهم حائض لأنها ذات حيض وقيل هو مصدر جاء على فعيل كنقيق لصوت الضفدع وقيل لما كان وزنه وزن المصدر نحو زفير وشهيق أعطى حكمة في استواء التذكير والتأنيث وقيل أن الرحمة بمعنى مفعلة فتكون بمعنى مفعول وفعيل بمعنى مفعول كثير وقيل أعطى فعيل بمعنى فاعل حكم فعيل بمعنى مفعول وقيل هو من التأنيث المجازي كطلع الشمس وبهذا جزم ابن التين وتعقبوه بأن شرطه تقدم الفعل وهنا جاء الفعل متأخرا فلا يجوز الا في ضرورة الشعر وأجيب بأن بعضهم حكى الجواز مطلقا والله أعلم ثم ذكر في الباب ثلاثة أحاديث * أحدها حديث أسامة بن زيد وقد تقدم التنبيه عليه في أوائل كتاب التوحيد وقوله انما يرحم الله فيه اثبات صفة الرحمة له وهو مقصود الترجمة * ثانيها حديث أبي هريرة اختصمت الجنة والنار ويعقوب في سنده هو ابن إبراهيم بن سعد الذي تقدم في الحديث الخامس من الباب قبله والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز وليس لصالح بن كيسان عنه في الصحيحين الا هذا الحديث (قوله اختصمت) في رواية همام عن أبي هريرة المتقدمة في سورة ق تحاجت ولمسلم من طريق أبي الزناد عن الأعرج احتجت وكذا له من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة وكذا في حديث أبي سعيد عنده قال الطيبي تحاجت أصله تحاججت وهو مفاعلة من الحجاج وهو الخصام وزنه ومعناه يقال حاججته محاججة ومحاجة وحجاجا أي غالبته بالحجة ومنه فحج آدم موسى لكن حديث الباب لم يظهر فيه غلبة واحد منهما (قلت) انما وزان فحج آدم موسى لو جاء تحاجت الجنة والنار فحاجت الجنة النار والا فلا يلزم من وقوع الخصام الغلبة قال ابن بطال عن المهلب يجوز ان يكون هذا الخصام حقيقة بأن يخلق الله فيهما حياة وفهما وكلاما والله قادر على كل شئ ويجوز ان يكون هذا مجازا كقولهم * امتلا الحوض وقال قطني * والحوض لا يتكلم وانما ذلك عبارة عن امتلائه وانه
(٣٦٦)