وانما نطق القلم بكلامه لقوله انما قولنا لشئ إذا أردناه ان نقول له كن فيكون قال فكلام الله سابق على أول خلقه فهو غير مخلوق وعن الربيع بن سليمان سمعت البويطي يقول خلق الله الخلق كله بقوله كن فلو كان كن مخلوقا لكان قد خلق الخلق بمخلوق وليس كذلك ثم ذكر فيه خمسة أحاديث * الأول حديث المغيرة وقوله فيه عن إسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم والغرض منه ومن الذي بعده قوله حتى يأتيهم أمر الله وقد تقدم بيان المراد به عند شرحه في كتاب الاعتصام وقال ابن بطال المراد بأمر الله في هذا الحديث الساعة والصواب أمر الله بقيام الساعة فيرجع إلى حكمه وقضائه * الثاني والثالث حديث معاوية في ذلك وفيه رواية مالك بن يخامر بضم التحتانية وتخفيف الخاء المعجمة وكسر الميم عن معاذ وهم بالشام وذكر معاوية عنه ذلك وقوله فيه ولا من خذلهم وقع في رواية الأصيلي حذاهم بكسر المهملة ثم دال معجمة بعدها الف لينة قال ولها وجه يعنى من جاورهم ممن لا يوافقهم قال ولكن الصواب بفتح الخاء المعجمة وباللام من الخذلان وابن جابر المذكور فيه هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر نسب لجده * الحديث الرابع حديث ابن عباس في شأن مسيلمة ذكر منه طرفا وقد تقدم بتمامه في أواخر المغازي مع شرحه والغرض منه قوله ولن يعدوا أمر الله فيك أي ما قدره عليك من الشقاء أو السعادة * الحديث الخامس حديث ابن مسعود في سؤال اليهود عن الروح وقوله قل الروح من أمر ربي تمسك به من زعم أن الروح قديمة زعما ان المراد بالامر هنا الامر الذي في قوله تعالى الا له الخلق والامر وهو فاسد فان الامر ورد في القرآن لمعان يتبين المراد بكل منها من سياق الكلام وسيأتى في باب والله خلقكم وما تعملون ما يتعلق بالامر الذي في قوله تعالى الا له الخلق والامر وانه بمعنى الطلب الذي هو أحد أنواع الكلام واما الامر في حديث ابن مسعود هذا فان المراد به المأمور كما يقال الخلق ويراد به المخلوق وقد وقع التصريح في بعض طرق الحديث ففي تفسير السدي عن أبي مالك عن ابن عباس وعن غيره في قوله تعالى قل الروح من أمر ربي يقول هو خلق من خلق الله ليس هو شئ من أمر الله وقد اختلف في المراد بالروح المسؤول عنها هل هي الروح التي تقوم بها الحياة أو الروح المذكور في قوله تعالى يوم يقوم الروح والملائكة صفا وفي قوله تعالى تنزل الملائكة والروح فيها وتمسك من قال بالثاني بأن السؤال انما يقع في العادة عما لا يعرف الا بالوحي والروح التي بها الحياة قد تكلم الناس فيه قديما وحديثا بخلاف الروح المذكور فان أكثر الناس لا علم لهم به بل هي من علم الغيب بخلاف الأولى وقد اطلق الله لفظ الروح على الوحي في قوله تعالى وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا وفي قوله يلقي الروح من امره على من يشاء وعلى القوة والثبات والنصر في قوله تعالى وأيدهم بروح منه وعلى جبريل في عدة آيات وعلى عيسى بن مريم ولم يقع في القرآن تسمية روح بني آدم روحا بل سماها نفسا في قوله النفس المطمئنة والنفس الامارة بالسوء والنفس اللوامة وأخرجوا أنفسكم ونفس وما سواها كل نفس ذائقة الموت وتمسك من زعم بأنها قديمه بإضافتها إلى الله تعالى في قوله تعالى ونفخت فيه من روحي ولا حجة فيه لان الإضافة تقع على صفه تقوم بالموصوف
(٣٧٢)