وقلوبهم كشف عنهم حجاب هيبته وموانع عظمته انتهى ملخصا وقال الطيبي قوله على وجهه حال من رداء الكبرياء وقال الكرماني هذا الحديث من المتشابهات فاما مفوض واما متأول بأن المراد بالوجه الذات والرداء صفة من صفة الذات اللازمة المنزهة عما يشبه المخلوقات ثم استشكل ظاهره بأنه يقتضي ان رؤية الله غير واقعة وأجاب بأن مفهومه بيان قرب النظر إذ رداء الكبرياء لا يكون مانعا من الرؤية فعبر عن زوال المانع عن الابصار بإزالة المراد انتهى وحاصله ان رداء الكبرياء مانع عن الرؤية فكأن في الكلام حذفا تقديره بعد قوله الا رداء الكبرياء فإنه يمن عليهم برفعه فيحصل لهم الفوز بالنظر إليه فكأن المراد ان المؤمنين إذا تبوؤا مقاعدهم من الجنة لولا ما عندهم من هيبة ذي الجلال لما حال بينهم وبين الرؤية حائل فإذا أراد اكرامهم حفهم برأفته وتفضل عليهم بتقويتهم على النظر إليه سبحانه ثم وجدت في حديث صهيب في تفسير قوله تعالى للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ما يدل على أن المراد برداء الكبرياء في حديث أبي موسى الحجاب المذكور في حديث صهيب وانه سبحانه يكشف لأهل الجنة اكراما لهم والحديث عند مسلم والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان ولفظ مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله عز وجل تريدون شيئا أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا وتدخلنا الجنة قال فيكشف لهم الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم منه ثم تلا هذه الآية للذين أحسنوا الحسنى وزيادة أخرجه مسلم عقب حديث أبي موسى ولعله أشار إلى تأويله به وقال القرطبي في المفهم الرداء استعارة كنى بها عن العظمة كما في الحديث الآخر الكبرياء ردائي والعظمة إزاري وليس المراد الثياب المحسوسة لكن المناسبة ان الرداء والإزار لما كانا متلازمين للمخاطب من العرب عبر عن العظمة والكبرياء بهما ومعنى حديث الباب ان مقتضى عزة الله واستغنائه أن لا يراه أحد لكن رحمته للمؤمنين اقتضت أن يريهم وجهه كمالا للنعمة فإذا زال المانع فعل معهم خلاف مقتضى الكبرياء فكأنه رفع عنهم حجابا كان يمنعهم ونقل الطبري عن علي وغيره في قوله تعالى ولدينا مزيد قال هو النظر إلى وجه الله (قوله في جنة عدن) قال ابن بطال لا تعلق للمجسمة في اثبات المكان لما ثبت من استحالة أن يكون سبحانه جسما أو حالا في مكان فيكون تأويل الرداء الآفة الموجودة لأبصارهم المانعة لهم من رؤيته وإزالتها فعل من أفعاله يفعله في محل رؤيتهم فلا يرونه ما دام ذلك المانع موجودا فإذا فعل الرؤية زال ذلك المانع وسماه رداء لتنزله في المنع منزلة الرداء الذي يحجب الوجه عن رؤيته فأطلق عليه الرداء مجازا وقوله في جنة عدن راجع إلى القوم وقال عياض معناه راجع إلى النظرين أي وهم في جنة عدن لا إلى الله فإنه لا تحويه الأمكنة سبحانه وقال القرطبي يتعلق بمحذوف في موضع الحال من القوم مثل كائنين في جنة عدن وقال الطيبي قوله في جنة عدن متعلق بمعنى الاستقرار في الظرف فيفيد بالمفهوم انتفاء هذا الحصر في غير الجنة واليه أشار التوربشتي بقوله يشير إلى أن المؤمن إذا تبوأ مقعده والحجب مرتفعة والموانع التي تحجب عن النظر إلى ربه مضمحلة الا ما يصدهم من الهيبة كما قيل أشتاقه فإذا بدا * أطرقت من اجلاله فإذا حفهم برأفته ورحمته رفع ذلك عنهم تفضلا منه عليهم * الحديث التاسع عن عبد الله وهو ابن
(٣٦٤)