يومئذ لمحجوبون ومن حيث النظر ان كل موجود يصح ان يرى وهذا على سبيل التنزل والا فصفات الخالق لا تقاس على صفات المخلوقين وأدلة السمع طافحة بوقوع ذلك في الآخرة لأهل الايمان دون غيرهم ومنع ذلك في الدنيا الا انه اختلف في نبينا صلى الله عليه وسلم وما ذكروه من الفرق بين الدنيا والآخرة ان أبصار أهل الدنيا فانية وأبصارهم في الآخرة باقية جيد ولكن لم يمنع تخصيص ذلك بمن ثبت وقوعه له ومنع جمهور المعتزلة من الرؤية متمسكين بان من شرط المرئي ان يكون في جهة والله منزه عن الجهة واتفقوا على أنه يرى عباده فهو راء لا من جهة واختلف من أثبت الرؤية في معناها فقال قوم يحصل للرائي العلم بالله تعالى برؤية العين كما في غيره من المرئيات وهو على وفق قوله في حديث الباب كما ترون القمر الا أنه منزه عن الجهة والكيفية وذلك أمر زائد على العلم وقال بعضهم ان المراد بالرؤية العلم وعبر عنها بعضهم بأنها حصول حالة في الانسان نسبتها إلى ذاته المخصوصة نسبة الابصار إلى المرئيات وقال بعضهم رؤية المؤمن لله نوع كشف وعلم الا انه أتم وأوضح من العلم وهذا أقرب إلى الصواب من الأول وتعقب الأول بأنه حينئذ لا اختصاص لبعض دون بعض لان العلم لا يتفاوت وتعقبه ابن التين بأن الرؤية بمعنى العلم تتعدى لمفعولين تقول رأيت زيدا فقيها أي علمته فان قلت رأيت زيدا منطلقا لم يفهم منه الا رؤية البصر ويزيده تحقيقا قوله في الخبر أنكم سترون ربكم عيانا لان اقتران الرؤية بالعيان لا يحتمل أن يكون بمعنى العلم وقال ابن بطال ذهب أهل السنة وجمهور الأمة إلى جواز رؤية الله في الآخرة ومنع الخوارج والمعتزلة وبعض المرجئة وتمسكوا بأن الرؤية توجب كون المرئي محدثا وحالا في مكان وأولوا قوله ناظرة بمنتظرة وهو خطأ لأنه لا يتعدى بالى ثم ذكر نحو ما تقدم ثم قال وما تمسكوا به فاسد لقيام الأدلة على أن الله تعالى موجود والرؤية في تعلقها بالمرئي بمنزلة العلم في تعلقه بالمعلوم فإذا كان تعلق العلم بالمعلوم لا يوجب حدوثه فكذلك المرئي قال وتعلقوا بقوله تعالى لا تدركه الابصار وبقوله تعالى لموسى لن تراني والجواب عن الأول أنه لا تدركه الابصار في الدنيا جمعا بين دليلي الآيتين وبأن نفي الادراك لا يستلزم نفي الرؤية لامكان رؤية الشئ من غير إحاطة بحقيقته وعن الثاني المراد لن تراني في الدنيا جمعا أيضا ولان نفي الشئ لا يقتضي احالته مع ما جاء من الأحاديث الثابتة على وفق الآية وقد تلقاها المسلمون بالقبول من لدن الصحابة والتابعين حتى حدث من أنكر الرؤية وخالف السلف وقال القرطبي اشترط النفاة في الرؤية شروطا عقلية كالبنية المخصوصة والمقابلة واتصال الأشعة وزوال الموانع كالبعد والحجب في خبط لهم وتحكم وأهل السنة لا يشترطون شيئا من ذلك سوى وجود المرئي وان الرؤية إدراك يخلقه الله تعالى للرائي فيرى المرئي وتقترن بها أحوال يجوز تبدلها والعلم عند الله تعالى ثم ذكر المؤلف في باب أحد عشر حديثا * الحديث الأول حديث جرير ذكره مطولا ومختصرا من ثلاثة أوجه (قوله خالد أو هشيم) كذا في نسخة من رواية أبي ذر عن المستملي بالشك وفي أخرى بالواو وكذا للباقين (قوله عن إسماعيل) وهو ابن أبي خالد (قوله عن قيس) هو ابن أبي حازم ونسب في رواية مروان بن معاوية عن إسماعيل المشار إليها (قوله عن جرير) في رواية مروان المذكورة سمعت جرير بن عبد الله وفي رواية بيان في الباب عن قيس حدثنا جرير (قوله كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم) في رواية جرير عن إسماعيل في تفسير سورة ق كنا جلوسا ليلا مع رسول الله صلى الله عليه
(٣٥٦)