ووقع في رواية القابسي اني انا الرزاق آخره وعليه جرى ابن بطال وتبعه ابن المنير والكرماني وجزم به الصغاني وزعم أن الذي وقع عند أبي ذر وغيره من تغييرهم لظنهم انه خلاف القراءة قال وقد ثبت ذلك قراءة عن ابن مسعود (قلت) وذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه كذلك كما أخرجه أحمد وأصحاب السنن وصححه الحاكم من طريق عبد الرحمن بن يزيد النخعي عن ابن مسعود قال أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال أهل التفسير المعنى في وصفه بالقوة انه القادر بليغ الاقتدار على كل شئ (قوله عن أبي حمزة) بالمهملة والزاي هو السكري وفي السند ثلاثة من التابعين في نسق كلهم كوفيون (قوله ما أحد اصبر على أذى سمعه من الله) الحديث تقدم شرحه في كتاب الأدب والغرض منه قوله هنا ويرزقهم وقوله يدعون بسكون الدال وجاء تشديدها قال ابن بطال تضمن هذا الباب صفتين لله تعالى صفة ذات وصفة فعل فالرزق فعل من أفعاله تعالى فهو من صفات فعله لان رازقا يقتضي مرزوقا والله سبحانه وتعالى كان ولا مرزوق وكل ما لم يكن ثم كان فهو محدث والله سبحانه موصوف بأنه الرزاق ووصف نفسه بذلك قبل خلق الخلق بمعنى أنه سيرزق إذا خلق المرزوقين والقوة من صفات الذات وهي بمعنى القدرة ولم يزل سبحانه وتعالى ذا قوة وقدرة ولم تزل قدرته موجودة قائمة به موجبة له حكم القادرين والمتين بمعنى القوي وهو في اللغة الثابت الصحيح وقال البيهقي القوي التام القدرة لا ينسب إليه عجز في حالة من الأحوال ويرجع معناه إلى القدرة والقادر هو الذي له القدرة الشاملة والقدرة صفة له قائمة بذاته والمقتدر هو التام القدرة الذي لا يمتنع عليه شئ وفي الحديث رد على من قال إنه قادر بنفسه لا بقدرة لان القوة بمعنى القدرة وقد قال تعالى ذو القوة وزعم المعتزلي ان المراد بقوله ذو القوة الشديد القوة والمعنى في وصفه بالقوة والمتانة انه القادر البليغ الاقتدار فجرى على طريقتهم في أن القدرة صفة نفسية خلافا لقول أهل السنة انها صفة قائمة به متعلقة بكل مقدور وقال غيره كون القدرة قديمة وافاضة الرزق حادثة لا يتنافيان لان الحادث هو التعلق وكونه رزق المخلوق بعد وجوده لا يستلزم التغير فيه لان التغير في التعلق فان قدرته لم تكن متعلقة بإعطاء الرزق بل بكونه سيقع ثم لما وقع تعلقت به من غير أن تتغير الصفة في نفس الامر ومن ثم نشأ الاختلاف هل القدرة من صفات الذات أو من صفات الافعال فمن نظر في القدرة إلى الاقتدار على ايجاد الرزق قال هي صفة ذات قديمة ومن نظر إلى تعلق القدرة قال هي صفة فعل حادثة ولا استحالة في ذلك في الصفات الفعلية والإضافية بخلاف الذاتية وقوله في الحديث اصبر افعل تفضيل من الصبر ومن أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى الصبور ومعناه الذي لا يعاجل العصاة بالعقوبة وهو قريب من معنى الحليم والحليم أبلغ في السلامة من العقوبة والمراد بالأذى أذى رسله وصالحي عباده لاستحالة تعلق أذى المخلوقين به لكونه صفة نقص وهو منزه عن كل نقص ولا يؤخر النقمة قهرا بل تفضلا وتكذيب الرسل في نفي الصاحبة والولد عن الله أذى لهم فأضيف الأذى لله تعالى للمبالغة في الانكار عليهم والاستعظام لمقالتهم ومنه قوله تعالى ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة فان معناه يؤذون أولياء الله وأولياء رسوله فأقيم المضاف مقام المضاف إليه قال ابن المنير وجه مطابقة الآية للحديث اشتماله على صفتي الرزق والقوة الدالة على القدرة اما الرزق فواضح من قوله ويرزقهم واما القوة فمن قوله اصبر فان فيه إشارة إلى
(٣٠٥)