الاحتجاج به فلا يلتفت إليه في تضعيفه وكلامه الأخير مردود باتفاق الجميع على اثبات الأسماء الحسنى قال الله تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وقال بعد أن ذكر منها عدة أسماء في آخر سورة الحشر له الأسماء الحسنى والأسماء المذكورة فيها بلغة العرب صفات ففي اثبات أسمائه اثبات صفاته لأنه إذا ثبت انه حي مثلا فقد وصف بصفة زائدة على الذات وهى صفة الحياة ولولا ذلك لوجب الاقتصار على ما ينبئ عن وجود الذات فقط وقد قال سبحانه وتعالى سبحان ربك رب العزة عما يصفون فنزه نفسه عما يصفونه به من صفة النقص ومفهومه ان وصفه بصفة الكمال مشروع وقد قسم البيهقي وجماعة من أئمة السنة جميع الأسماء المذكورة في القرآن وفي الأحاديث الصحيحة على قسمين أحدهما صفات ذاته وهي ما استحقه فيما لم يزل ولا يزال والثاني صفات فعله وهي ما استحقه فيما لا يزال دون الأزل قال ولا يجوز وصفه الا بما دل عليه الكتاب والسنة الصحيحة الثابتة أو أجمع عليه ثم منه ما اقترنت به دلالة العقل كالحياة والقدرة والعلم والإرادة والسمع والبصر والكلام من صفات ذاته وكالخلق والرزق والاحياء والإماتة والعفو والعقوبة من صفات فعله ومنه ما ثبت بنص الكتاب والسنة كالوجه واليد والعين من صفات ذاته وكا لاستواء والنزول والمجئ من صفات فعله فيجوز اثبات هذه الصفات له لثبوت الخبر بها على وجه ينفي عنه التشبيه فصفة ذاته لم تزل موجودة بذاته ولا تزال وصفة فعله ثابتة عنه ولا يحتاج في الفعل إلى مباشرة انما امره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون وقال القرطبي في المفهم اشتملت قل هو الله أحد على اسمين يتضمنان جميع أوصاف الكمال وهما الاحد والصمد فإنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال فان الواحد والاحد وان رجعا إلى أصل واحد فقد افترقا استعمالا وعرفا فالوحدة راجعة إلى نفي التعدد والكثرة والواحد أصل العدد من غير تعرض لنفي ما عداه والاحد يثبت مدلوله ويتعرض لنفي ما سواه ولهذا يستعملونه في النفي ويستعملون الواحد في الاثبات يقال ما رأيت أحدا ورأيت واحدا فالأحد في أسماء الله تعالى مشعر بوجوده الخاص به الذي لا يشاركه فيه غيره واما الصمد فإنه يتضمن جميع أوصاف الكمال لان معناه الذي انتهى سؤدده بحيث يصمد إليه في الحوائج كلها وهو لا يتم حقيقة الا لله قال ابن دقيق العيد قوله لأنها صفة الرحمن يحتمل ان يكون مراده ان فيها ذكر صفة الرحمن كما لو ذكر وصف فعبر عن الذكر بأنه الوصف وان لم يكن نفس الوصف ويحتمل غير ذلك الا انه لا يختص ذلك بهذه السورة لكن لعل تخصيصها بذلك لأنه ليس فيها الا صفات الله سبحانه وتعالى فاختصت بذلك دون غيرها (قوله أخبروه أن الله يحبه) قال ابن دقيق العيد يحتمل ان يكون سبب محبه الله له محبة لهذه الصورة ويحتمل ان يكون لما دل عليه كلامه لان محبته لذكر صفات الرب دالة على صحة اعتقاده قال المازري ومن تبعه محبة الله لعباده ارادته ثوابهم وتنعيمهم وقيل هي نفس الإثابة والتنعيم ومحبتهم له لا يبعد فيها الميل منهم إليه وهو مقدس عن الميل وقيل محبتهم له استقامتهم على طاعته والتحقيق ان الاستقامة ثمرة المحبة وحقيقة المحبة له ميلهم إليه لاستحقاقه سبحانه المحبة من جميع وجوهها انتهى وفيه نظر لما فيه من الاطلاق في موضع التقييد وقال ابن التين معنى محبة المخلوقين لله ارادتهم ان ينفعهم وقال القرطبي في المفهم محبة الله لعبده تقريبه له واكرامه وليست بميل ولا غرض كما هي من العبد
(٣٠٢)