حديث الباب في كتاب الأمثال معلقا فقال وروى يزيد بن هارون فساق السند ولم يوصل سنده بيزيد وأورد معناه من مرسل الضحاك بن مزاحم (قوله تابعه قتيبة عن ليث) يعني ابن سعد (عن خالد) يعني ابن يزيد وهو أبو عبد الرحيم المصري أحد الثقات (قوله عن سعيد بن أبي هلال عن جابر قال خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم) هكذا اقتصر على هذا القدر من الحديث وظاهره ان بقية الحديث مثله وقد بينت ما بينهما من الاختلاف وقد وصله الترمذي عن قتيبة بهذا السند ووصله أيضا الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان وأبو نعيم من طريق أبي العباس السراج كلاهما عن قتيبة ونسب السراج في روايته الليث وشيخه كما ذكرته قال الترمذي بعد تخريجه هذا حديث مرسل سعيد بن أبي هلال لم يدرك جابر بن عبد الله (قلت) وفائدة إيراد البخاري له رفع التوهم عمن يظن أن طريق سعيد بن ميناء موقوفة لأنه لم يصرح برفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتى بهذه الطريق لتصريحها ثم قال الترمذي وجاء من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد أصح من هذا قال وفي الباب عن ابن مسعود ثم ساقه بسنده إلى ابن مسعود وصححه وقد بينت ما فيه أيضا بحمد الله تعالى ووصف الترمذي له بأنه مرسل يريد أنه منقطع بين سعيد وجابر وقد اعتضد هذا المنقطع بحديث ربيعة الجرشي عند الطبراني فإنه ينحو سياقه وسنده جيد وسعيد بن أبي هلال غير سعيد بن ميناء الذي في السند الأول وكل منهما مدني لكن ابن ميناء تابعي بخلاف ابن أبي هلال والجمع بينهما اما بتعدد المرئي وهو واضح أو بأنه منام واحد حفظ فيه بعض الرواة ما لم يحفظ غيره وتقدم طريق الجمع بين اقتصاره على جبريل وميكائيل في حديث وذكره الملائكة بصيغة الجمع في الجانبين الدال على الكثرة في آخر وظاهر رواية سعيد بن أبي هلال ان الرؤيا كانت في بيت النبي صلى الله عليه وسلم لقوله خرج علينا فقال اني رأيت في المنام وفي حديث ابن مسعود ان ذلك كان بعد أن خرج إلى الجن فقرأ عليهم ثم أغفى عند الصبح فجاؤوا إليه حينئذ ويجمع بان الرؤيا كانت على ما وصف ابن مسعود فلما رجع إلى منزله خرج على أصحابه فقصها وما عدا ذلك فليس بينهما منافاة إذ وصف الملائكة برجال حسان يشير إلى انهم تشكلوا بصورة الرجال وقد أخرج أحمد والبزار والطبراني من طريق علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس نحو أول حديث سعيد بن أبي هلال لكن لم يسم الملكين وساق المثل على غير سياق من تقدم قال إن مثل هذا ومثل أمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا ما يرجعون به فبينما هم كذلك إذا أتاهم رجل فقال أرأيتم ان وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء أتتبعوني قالوا نعم فانطلق بهم فأوردهم فأكلوا وشربوا وسمنوا فقال لهم ان بين أيديكم رياضا هي أعشب من هذه وحياضا أروى من هذه فاتبعوني فقالت طائفة صدق والله لنتبعنه وقالت طائفة قد رضينا بهذا نقيم عليه وهذا إن كان محفوظا قوى الحمل على التعدد اما للمنام واما لضرب المثل ولكن علي بن زيد ضعيف من قبل حفظه قال ابن العربي في حديث ابن مسعود ان المقصود المأدبة وهو ما يؤكل ويشرب ففيه رد على الصوفية الذين يقولون لا مطلوب في الجنة الا الوصال والحق ان لا وصال لنا الا بانقضاء الشهوات الجثمانية والنفسانية والمحسوسة والمعقولة وجماع ذلك كله في الجنة انتهى وليس ما ادعاه من الرد بواضح قال وفيه ان من أجاب الدعوة أكرم ومن لم يجبها أهين وهو خلاف قولهم من دعوناه فلم
(٢١٦)