أهلك وفي رواية غير الكشميهني أهلك بضم أوله وكسر اللام وقال بعد ذلك بسؤالهم أي بسبب سؤالهم وقوله واختلافهم بالرفع وبالجر على الوجهين ووقع في رواية همام عند أحمد بلفظ فإنما هلك وفيه بسؤالهم ويتعين الجر في واختلافهم (1) وفي رواية الزهري فإنما هلك وفيه سؤالهم ويتعين الرفع في واختلافهم وأما قول النووي في أربعينه واختلافهم برفع الفاء لا بكسرها فإنه باعتبار الرواية التي ذكرها وهي التي من طريق الزهري (قوله فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه) في رواية محمد بن زياد فانتهوا عنه هكذا رأيت هذا الامر على تلك المقدمة والمناسبة فيه ظاهرة ووقع في أول رواية الزهري المشار إليها ما نهيتكم عنه فاجتنبوه فاقتصر عليها النووي في الأربعين وعزا الحديث للبخاري ومسلم فتشاغل بعض شراح الأربعين بمناسبة تقديم النهي على ما عداه ولم يعلم أن ذلك من تصرف الرواة وان اللفظ الذي أورده البخاري هنا أرجح من حيث الصناعة الحديثية لأنهما اتفقا على إخراج طريق أبي الزناد دون طريق الزهري وإن كان سند الزهري مما عد في أصح الأسانيد فان سند أبي الزناد أيضا مما عد فيها فاستويا وزادت رواية أبي الزناد اتفاق الشيخين وظن القاضي تاج الدين في شرح المختصر ان الشيخين اتفقا على هذا اللفظ فقال بعد قول ابن الحاجب الندب أي احتج من قال إن الامر للندب بقوله إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم فقال الشارح رواه البخاري ومسلم ولفظهما وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم وهذا انما هو لفظ مسلم وحده ولكنه اغتر بما ساقه النووي في الأربعين ثم إن هذا النهي عام في جميع المناهي ويستثنى من ذلك ما يكره المكلف على فعله كشرب الخمر وهذا على رأي الجمهور وخالف قوم فتمسكوا بالعموم فقالوا الاكراه على ارتكاب المعصية لا يبيحها والصحيح عدم المؤاخذة إذا وجدت صورة الاكراه المعتبرة واستثنى بعض الشافعية من ذلك الزنا فقال لا يتصور الاكراه عليه وكأنه أراد التمادي فيه والا فلا مانع ان ينعظ الرجل بغير سبب فيكره على الايلاج حينئذ فيولج في الأجنبية فان مثل ذلك ليس بمحال ولو فعله مختارا لكان زانيا فتصور الاكراه على الزنا واستدل به من قال لا يجوز التداوي بشئ محرم كالخمر ولا دفع العطش به ولا إساغة لقمة من غص به والصحيح عند الشافعية جواز الثالث حفظا للنفس فصار كأكل الميتة لمن اضطر بخلاف التداوي فإنه ثبت النهي عنه نصا ففي مسلم عن وائل رفعه انه ليس بدواء ولكنه داء ولأبي داود عن أبي الدرداء رفعه ولا تداووا بحرام وله عن أم سلمة مرفوعا ان الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها وأما العطش فإنه لا ينقطع بشربها ولأنه في معنى التداوي والله أعلم والتحقيق أن الامر باجتناب المنهي على عمومه ما لم يعارضه اذن في ارتكاب منهي كأكل الميتة للمضطر وقال الفاكهاني لا يتصور امتثال اجتناب المنهي حتى يترك جميعه فلو اجتنب بعضه لم يعد ممتثلا بخلاف الامر يعني المطلق فان من أتى بأقل ما يصدق عليه الاسم كان ممتثلا انتهى ملخصا وقد أجاب هنا ابن فرج بأن النهي يقتضي الامر فلا يكن ممتثلا لمقتضى النهي حتى لا يفعل واحدا من آحاد ما يتناوله النهي بخلاف الامر فإنه على عكسه ومن ثم نشأ الخلاف هل الامر بالشئ نهي عن ضده وبان النهي عن الشئ أمر بضده (قوله وإذا أمرتكم بشئ) في رواية مسلم بأمر (فأتوا منه ما استطعتم) أي افعلوا قدر استطاعتكم ووقع في رواية الزهري وما أمرتكم به وفي رواية همام المشار إليها وإذا أمرتكم بالامر فأتمروا
(٢٢١)