ابن مسعود فقالوا اضربوا له مثلا ونؤول أو نضرب وأولوا وفيه ليعقل قلبك (قوله مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة) في حديث ابن مسعود مثل سيد بنى قصرا وفي رواية أحمد بنيانا حصينا ثم جعل مأدبة فدعا الناس إلى طعامه وشرابه فمن اجابه أكل من طعامه وشرب من شرابه ومن لم يجبه عاقبه أو قال عذبه وفي رواية أحمد عذب عذابا شديدا والمأدبة بسكون الهمزة وضم الدال بعدها موحدة وحكى الفتح وقال ابن التين عن أبي عبد الملك الضم والفتح لغتان فصيحتان وقال الرامهرمزي نحوه في حديث القرآن مأدبة الله قال وقال لي أبو موسى الحامض من قاله بالضم أراد الوليمة ومن قاله بالفتح أراد أدب الله الذي أدب به عباده (قلت) فعلى هذا يتعين الضم (قوله وبعث داعيا) في رواية سعيد ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من تركه (قوله فقال بعضهم أولوها له يفقهها) قيل يأخذ منه حجة لأهل التعبير ان التعبير إذا وقع في المنام أعتمد عليه قال ابن بطال قوله أولوها له يدل على أن الرؤيا على ما عبرت في النوم انتهى وفيه نظر لاحتمال الاختصاص بهذه القصة لكون الرائي النبي صلى الله عليه وسلم والمرئي الملائكة فلا يطرد ذلك في حق غيرهم (قوله فقال بعضهم انه نائم) هكذا وقع ثالث مرة (قوله فقالوا الدار الجنة) أي الممثل بها زاد في رواية سعيد بن أبي هلال فالله هو الملك والدار الاسلام والبيت الجنة وأنت يا محمد رسول الله وفي حديث ابن مسعود عند أحمد أما السيد فهو رب العالمين واما البنيان فهو الاسلام والطعام الجنة ومحمد الداعي فمن اتبعه كان في الجنة (قوله فمن أطاع محمدا فقد أطاع الله) أي لأنه رسول صاحب المأدبة فمن اجابه ودخل في دعوته أكل من المأدبة وهو كناية عن دخول الجنة ووقع بيان ذلك في رواية سعيد ولفظه وأنت يا محمد رسول الله فمن أجابك دخل الاسلام ومن دخل الاسلام دخل الجنة ومن دخل الجنة أكل ما فيها (قوله ومحمد فرق بين الناس) كذا لأبي ذر بتشديد الراء فعلا ماضيا ولغيره بسكون الراء والتنوين وكلاهما متجه قال الكرماني ليس المقصود من هذا التمثيل تشبيه المفرد بالمفرد بل تشبيه المركب بالمركب مع قطع النظر عن مطابقة المفردات من الطرفين انتهى وقد وقع في غير هذه الطريق ما يدل على المطابقة المذكورة زاد في حديث ابن مسعود فلما استيقظ قال سمعت ما قال هؤلاء هل تدري من هم قلت الله ورسوله اعلم قال هم الملائكة والمثل الذي ضربوا الرحمن بنى الجنة ودعا إليها عباده الحديث * (تنبيه) * تقدم في كتاب الأدب من وجه آخر عن سليم ابن حيان بهذا الاسناد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل الأنبياء كرجل بنى دارا فأكملها وأحسنها الا موضع لبنة الحديث وهو حديث آخر وتمثيل آخر فالحديث الذي في الأدب يتعلق بالنبوة وكونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وهذا يتعلق بالدعاء إلى الاسلام وبأحوال من أجاب أو امتنع وقد وهم من خلطهما كأبي نعيم في المستخرج فإنه لما ضاق عليه مخرج حديث الباب ولم يجده مرويا عنده أورد حديث اللبنة ظنا منه انهما حديث واحد وليس كذلك لما بينته وسلم الإسماعيلي من ذلك فإنه لما لم يجده في مروياته أورده من روايته عن الفربري بالإجازة عن البخاري بسنده وقد روى يزيد بن هارون بهذا السند حديث اللبنة أخرجه أبو الشيخ في كتاب الأمثال من طريق أحمد بن سنان الواسطي عنه وساق بهذا السند حديث مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا الحديث لكنه عن أبي هريرة لا عن جابر وقد ذكر الرامهرمزي
(٢١٥)