مع وجود كثرة المال في أيامه أولى بعدم التعرض * الحديث الثاني حديث حذيفة في الأمانة تقدم شرحه في كتاب الفتن * الحديث الثالث (قوله حدثنا عمرو بن مرة) هو الجملي بفتح الجيم وتخفيف الميم ومرة شيخه هو ابن شراحيل ويقال له مرة الطيب بالتشديد وهو الهمداني بسكون الميم وليس هو والد عمرو الراوي عنه (قوله وأحسن الهدى هدى محمد) بفتح الهاء وسكون الدال للأكثر وللكشميهني بضم الهاء مقصور ومعنى الأول الهيئة والطريقة والثاني ضد الضلال (قوله وشر الأمور محدثاتها الخ) تقدم هذا الحديث بدون هذه الزيادة في كتاب الأدب وذكرت ما يدل على أن البخاري اختصره هناك ومما أنبه عليه هنا قبل شرح هذه الزيادة ان ظاهر سياق هذا الحديث انه موقوف لكن القدر الذي له حكم الرفع منه قوله وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم فان فيه اخبارا عن صفة من صفاته صلى الله عليه وسلم وهو أحد أقسام المرفوع وقل من نبه على ذلك وهو كالمتفق عليه لتخريج المصنفين المقتصرين على الأحاديث المرفوعة الأحاديث الواردة في شمائله صلى الله عليه وسلم فان أكثرها يتعلق بصفة خلقه وذاته كوجهه وشعره وكذا بصفة خلقه كحلمه وصفحة وهذا مندرج في ذلك مع أن الحديث المذكور جاء عن ابن مسعود مصرحا فيه بالرفع من وجه آخر أخرجه أصحاب السنن لكن ليس هو على شرط البخاري وأخرجه مسلم من حديث جابر مرفوعا أيضا بزيادة فيه وليس هو على شرطه أيضا وقد بينت ذلك في كتاب الأدب في باب الهدى الصالح والمحدثات بفتح الدال جمع محدثة والمراد بها ما أحدث وليس له أصل في الشرع ويسمى في عرف الشرع بدعة وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة فالبدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة فان كل شئ أحدث على غير مثال يسمى بدعة سواء كان محمودا أو مذموما وكذا القول في المحدثة وفي الامر المحدث الذي ورد في حديث عائشة من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد كما تقدم شرحه ومضى بيان ذلك قريبا في كتاب الأحكام وقد وقع في حديث جابر المشار إليه وكل بدعة ضلالة وفي حديث العرباض بن سارية وإياكم ومحدثات الأمور فان كل بدعة ضلالة وهو حديث أوله وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة فذكره وفيه هذا أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ابن ماجة وابن حبان والحاكم وهذا الحديث في المعنى قريب من حديث عائشة المشار إليه وهو من جوامع الكلم قال الشافعي البدعة بدعتان محمودة ومذمومة فما وافق السنة فهو محمود وما خالفها فهو مذموم أخرجه أبو نعيم بمعناه من طريق إبراهيم بن الجنيد عن الشافعي وجاء عن الشافعي أيضا ما أخرجه البيهقي في مناقبه قال المحدثات ضربان ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة الضلال وما أحدث من الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة انتهى وقسم بعض العلماء البدعة إلى الأحكام الخمسة وهو واضح وثبت عن ابن مسعود أنه قال قد أصبحتم على الفطرة وانكم ستحدثون ويحدث لكم فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدى الأول فمما حدث تدوين الحديث ثم تفسير القرآن ثم تدوين المسائل الفقهية المولدة عن الرأي المحض ثم تدوين ما يتعلق بأعمال القلوب فاما الأول فأنكره عمر وأبو موسى وطائفة ورخص فيه الأكثرون وأما الثاني فأنكره جماعة من التابعين كالشعبي واما الثالث فأنكره الإمام أحمد وطائفة يسيرة وكذا اشتد إنكار أحمد للذي بعده ومما حدث أيضا تدوين القول في أصول
(٢١٢)