وقال عياض المراد بالجرم هنا الحدث على المسلمين لا الذي هو بمعنى الاثم المعاقب عليه لان السؤال كان مباحا ولهذا قال سلوني وتعقبه النووي فقال هذا الجواب ضعيف بل باطل والصواب الذي قاله الخطابي والتيمي وغيرهما أن المراد بالجرم الاثم والذنب وحملوه على من سأل تكلفا وتعنتا فيما لا حاجة له به إليه وسبب تخصيصه ثبوت الامر بالسؤال عما يحتاج إليه لقوله تعالى فاسألوا أهل الذكر فمن سأل عن نازلة وقعت له لضرورته إليها فهو معذور فلا اثم عليه ولا عتب فكل من الامر بالسؤال والزجر عنه مخصوص بجهة غير الأخرى قال ويؤخذ منه ان من عمل شيئا أضر به غيره كان آثما وسبك منه الكرماني سؤالا وجوابا فقال السؤال ليس بجريمة ولئن كانت فليس بكبيرة ولئن كانت فليس بأكبر الكبائر وجوابه ان السؤال عن الشئ بحيث يصير سببا لتحريم شئ مباح هو أعظم الجرم لأنه صار سببا لتضييق الامر على جميع المكلفين فالقتل مثلا كبيرة ولكن مضرته راجعة إلى المقتول وحده أو إلى من هو منه بسبيل بخلاف صورة المسألة فضررها عام للجميع وتلقى هذا الأخير من الطيبي استدلالا وتمثيلا وينبغي ان يضاف إليه ان السؤال المذكور انما صار كذلك بعد ثبوت النهي عنه فالاقدام عليه حرام فيترتب عليه الاثم ويتعدى ضرره بعظم الاثم والله أعلم ويؤيد ما ذهب إليه الجماعة من تأويل الحديث المذكور ما أخرجه الطبري من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة انه صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله عن الحج أفي كل عام لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ثم تركتم لضللتم وله من طريق أبي عياض عن أبي هريرة ولو تركتموه لكفرتم وبسند حسن عن أبي أمامة مثله وأصله في مسلم عن أبي هريرة بدون الزيادة وإطلاق الكفر اما على من جحد الوجوب فهو على ظاهره واما على من ترك مع الاقرار فهو على سبيل الزجر والتغليظ ويستفاد منه عظم الذنب بحيث يجوز وصف من كان السبب في وقوعه بأنه وقع في أعظم الذنوب كما تقدم تقريره والله أعلم وفي الحديث ان الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد الشرع بخلاف ذلك * الحديث الثاني (قوله حدثنا إسحاق) هو ابن منصور لقوله حدثنا عفان وإسحاق بن راهويه انما يقول انا ولان أبا نعيم أخرجه من طريق أبي خيثمة عن عفان ولو كان في مسند إسحاق لما عدل عنه (قوله اتخذ حجرة) بالراء للأكثر وللمستملي بالزاي وهما بمعنى (قوله من صنيعكم) في رواية السرخسي صنعكم بضم أوله وسكون النون وهما بمعنى وقد تقدم بعض من شرح هذا الحديث في الباب الذي قبل باب إيجاب التكبير فذكر أبواب صفة الصلاة وساقه هناك عن عبد الاعلى عن وهيب وتقدمت سائر فوائده في شرح حديث عائشة في معناه في باب ترك قيام الليل من أبواب التهجد ولله الحمد والذي يتعلق بهذه الترجمة من هذا الحديث ما يفهم من إنكاره صلى الله عليه وسلم ما صنعوا من تكلف ما لم يأذن لهم فيه من التجميع في المسجد في صلاة الليل * الحديث الثالث وهو يتعلق بالقسم الأول وكذا الرابع والثامن والتاسع حديث أبي موسى قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها فلما أكثروا عليه المسئلة غضب عرف من هذه الأسئلة ما تقدم في تفسير المائدة في بيان المسائل المرادة بقوله تعالى لا تسألوا عن أشياء ومنها سؤال من سأل أين ناقتي وسؤال من سأل عن البحيرة والسائبة وسؤال من سأل عن وقت الساعة وسؤال من سأل عن الحج أيجب كل عام وسؤال من سأل ان يحول الصفا ذهبا وقد وقع في حديث أنس من رواية هشام
(٢٢٧)