لابن منده قال الطبراني لم يروه عن شعبة إلا إبراهيم بن طهمان تفرد به حفص بن عبد الله النيسابوري عنه (قوله رفعت إلي سدرة المنتهى) كذا للأكثر بضم الراء وكسر الفاء وفتح المهملة وسكون المثناة على البناء للمجهول والسدرة مرفوعة وللمستملي دفعت بدال بدل الراء وسكون العين وضم المثناة بنسبة الفعل إلى المتكلم وإلى بالسكون حرف جر (قوله وقال هشام) يعني الدستوائي وهمام يعني ابن يحيى وسعيد يعني ابن أبي عروبة يعني أنهم اجتمعوا على رواية الحديث عن قتادة فزادوهم في الاسناد بعد أنس بن مالك مالك بن صعصعة ولم يذكره شعبة وقوله في الأنهار نحوه يريد أنهم توافقوا من المتن على ذكر الأنهار وزادوا هم قصة الاسراء بطولها وليست في رواية شعبة هذه ووقع في روايتهم هنا بعد قوله سدرة المنتهى فإذا نبقها كأنه قلال هجر وورقها كأنها آذان الفيلة في أصلها أربعة أنهار واقتصر شعبة على فإذا أربعة أنهار (قوله ولم يذكروا ثلاثة أقداح) في رواية الكشميهني ولم يذكر بالافراد وظاهر هذا النفي أنه لم يقع ذكر الاقداح في رواية الثلاثة وهو معترض بما تقدم في بدء الخلق عن هدبة عن همام بلفظ ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فيحتمل أن يكون المراد بالنفي نفي ذكر الاقداح بخصوصها ويحتمل أن تكون رواية الكشمهيني التي بالافراد هي المحفوظة والفاعل هشام الدستوائي فإنه تقدم في بدء الخلق طريق يزيد بن زريع عن سعيد وهشام جميعا عن قتادة بطوله وليس فيه ذكر الآنية أصلا لكن أخرجه مسلم من رواية عبد الاعلى عن هشام وفيه ثم أتيت بإناءين أحدهما خمر والآخر لبن فعرضا علي ثم أخرجه من طريق معاذ بن هشام عن أبيه نحوه ولم يسق لفظه وقد ساقه النسائي من رواية يحيى القطان عن هشام وليس فيه ذكر الآنية أصلا فوضح من هذا أن رواية همام فيها ذكر ثلاثة وإن كان لم يصرح بذكر العدد ولا وصف الظرف ورواية سعيد فيها ذكر إناءين فقط ورواية هشام ليس فيها ذكر شئ من ذلك أصلا وقد رجح الإسماعيلي رواية إناءين فقال عقب حديث شعبة هنا هذا حديث شعبة وحديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة المذكور أول الباب أصح إسنادا من هذا وأولى من هذا كذا قال مع أنه أخرج حديث همام عن جماعة عن هدبة عنه كما أخرجه البخاري سواء والزيادة من الحافظ مقبولة وقد توبع وذكر إناءين لا ينفي الثالث مع أنني قدمت في الكلام على حديث الاسراء أن عرض الآنية على النبي صلى الله عليه وسلم وقع مرتين قبل المعراج وهو في بيت المقدس وبعده وهو عند سدرة المنتهى وبهذا يرتفع الاشكال جملة قال ابن المنير لم يذكر السر في عدوله عن العسل إلى اللبن كما ذكر السر في عدوله عن الخمر ولعل السر في ذلك كون اللبن أنفع وبه يشتد العظم وينبت اللحم وهو بمجرده قوت ولا يدخل في السرف بوجهه وهو أقرب إلى الزهد ولا منافاة وبين الورع بوجه والعسل وإن كان حلالا لكنه من المستلذات التي قد يخشى على صاحبها أن يندرج في قوله تعالى أذهبتم طيباتكم (قلت) ويحتمل أن يكون السر فيه ما وقع في بعض طرق الاسراء أنه صلى الله عليه وسلم عطش كما تقدم في بعض طرقه مبينا هناك فأتى بالاقداح فأثر اللبن دون غيره لما فيه من حصول حاجته دون الخمر والعسل فهذا هو السبب الأصلي في إيثار اللبن وصادف مع ذلك رجحانه عليهما من عدة جهات وقد تقدم شئ من هذا في شرح حديث الاسراء قال ابن المنير ولا يعكر على ما ذكرته ما سيأتي قريبا أنه كان يحب الحلوى
(٦٤)