وقريب منه في البعد استدلال من استدل به على طهارة المني وتقريره أن اللبن خالط الفرث والدم ثم استحال فخرج خالصا طاهرا وكذلك المني ينقصر من الدم فيكون على غير صفة الدم فلا يكون نجسا (قوله وقول الله عز وجل يخرج من بين فرث ودم) زاد غير أبي ذر لبنا خالصا وزاد غيره وغير النسفي بقية الآية ووقع يخرج في أوله في معظم النسخ والذي في القرآن نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم وأما لفظ يخرج فهو في الآية الأخرى من السورة يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه ووقع في بعض النسخ وعليه جرى الإسماعيلي وابن بطال وغيرهما بحذف يخرج من أوله وأول الباب عندهم وقول الله من بين فرث ودم فكأن زيادة لفظ يخرج ممن دون البخاري وهذه الآية صريحة في إحلال شرب لبن الانعام بجميع أنواعه لوقوع الامتنان به فيعم جميع ألبان الانعام في حال حياتها والفرث بفتح الفاء وسكون الراء بعدها مثلثة هو ما يجتمع في الكرش وقال القزاز هو ما ألقي من الكرش تقول فرثت الشئ إذا أخرجته من وعائه فشربته فأما بعد خروجه فإنما يقال له سرجين وزبل وأخرج القزاز عن ابن عباس أن الدابة إذا أكلت العلف واستقر في كرشها طبخته فكان أسفله فرثا وأوسطه لبنا وأعلاه دما والكبد مسلطة عليه فتقسم الدم وتجريه في العروق وتجري اللبن في الضرع ويبقى الفرث في الكرش وحده وقوله تعالى لبنا خالصا أي من حمرة الدم وقذارة الفرث وقوله سائغا أي لذيذا هنيئا لا يغص به شاربه وذكر المصنف في الباب سبعة أحاديث * الأول حديث أبي هريرة (قوله بقدح لبن وقدح خمر) تقدم البحث فيه قريبا والحكمة في التخيير بين الخمر مع كونه حراما واللبن مع كونه حلالا إما لان الخمر حينئذ لم تكن حرمت أو لأنها من الجنة وخمر الجنة ليست حراما وقوله في الحديث ليلة أسرى به حكى فيه تنوين ليلة والذي أعرفه في الرواية الإضافة * الحديث الثاني حديث أم الفضل في شرب اللبن بعرفة وقد تقدم شرحه في الصيام وقوله في آخره وكان سفيان ربما قال شك الناس في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت إليه أم الفضل فإذا وقف عليه قال هو عن أم الفضل يعني أن سفيان كان ربما أرسل الحديث فلم يقل في الاسناد عن أم الفضل فإذا سئل عنه هل هو موصول أو مرسل قال هو عن أم الفضل وهو في قرة قوله هو موصول وهذا معني قوله وقف عليه وهو بضم أوله وكسر القاف ووقع في رواية أبي ذر ووقف بزيادة واو ساكنة بعد الواو المضمومة والقائل وكان سفيان هو الراوي عنه وهو الحميدي وقد تقدم في الحج عن علي بن عبد الله عن سفيان بدون هذه الزيادة وأغرب الداودي فقال لا مخالفة بين الروايتين لأنه يجوز أن تقول أم الفضل عن نفسها فأرسلت أم الفضل أي على سبيل التجريد كذا قال * الحديث الثالث (قوله عن أبي صالح وأبي سفيان) كذا رواه أكثر أصحاب الأعمش عنه عن جابر ورواه أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح وحده أخرجه مسلم وقد أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر وعن أبي صالح عن أبي هريرة وهو شاذ والمحفوظ عن جابر (قوله من النقيع) بالنون قيل هو الموضع الذي حمى لرعي النعم وقيل غيره وقد تقدم في كتاب الجمعة ذكر نقيع الخضمات فدل على التعدد وكان واديا يجتمع فيه الماء والماء الناقع هو المجتمع وقيل كانت تعمل فيه الآنية وقيل هو الباع حكاه الخطابي وعن الخليل الوادي الذي يكون فيه الشجر وقال ابن التين رواه أبو الحسن
(٦٢)