تعالى * الحديث الثاني (قوله حدثنا عبد الله بن محمد) هو الجعفي وأبو عامر هو العقدي وسعيد ابن الحرث هو الأنصاري (قوله دخل على رجل من الأنصار) كنت ذكرت في المقدمة أنه أبو الهيثم بن التيهان الأنصاري ثم وقفت عن ذلك لما أخرجه أحمد عن إسحاق بن عيسى عن فليح في أول حديثي الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى قوما من الأنصار يعود مريضا لهم وقصة أبي الهيثم في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة واستوعب ابن مردويه في تفسير التكاثر طرقه فزاد عن ابن عباس وأبي عسيب وأبي سعيد ولم يذكر في شئ من طرقه عبادة فالذي يظهر أنها قصة أخرى ثم وقفت على المستند في ذلك وهو ما ذكره الواقدي من حديث الهيثم بن نصر الأسلمي قال خدمت النبي صلى الله عليه وسلم ولزمت بابه فكنت آتيه بالماء من بئر جاشم وهي بئر أبي الهيثم ابن التيهان وكان ماؤها طيبا ولقد دخل يوما صائفا ومعه أبو بكر على أبي الهيثم فقال هل من ماء بارد فأتاه بشجب فيه ماء كأنه الثلج فصبه على لبن عنز له وسقاه ثم قال له إن لنا عريشا باردا فقل فيه يا رسول الله عندنا فدخله وأبو بكر وأتى أبو الهيثم بألوان من الرطب * الحديث والشجب بفتح المعجمة وسكون الجيم ثم موحدة يتخذ من شنة تقطع ويخرز رأسها (قوله ومعه صاحبه) هو أبو بكر الصديق كما ترى (قوله فقال له) زاد في رواية الإسماعيلي من قبل هذا وإلى جانبه ماء في ركي وهو بفتح الراء وكسر الكاف وبعدها شدة البئر المطوية وزاد في رواية ستأتي بعد خمسة أبواب فسلم النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه فرد الرجل أي عليهما السلام (قوله إن كان عندك ماء بات هذه الليلة في شنة) بفتح المعجمة وتشديد النون وهي القربة الخلقة وقال الداودي هي التي زال شعرها من البلاء قال المهلب الحكمة في طلب الماء البائت أنه يكون أبرد وأصفى وأما مزج اللبن بالماء فلعل ذلك كان في يوم حار كما وقع في قصة أبي بكر مع الراعي (قلت) لكن القصتان مختلفتان فصنيع أبي بكر ذلك باللبن لشدة الحر وصنيع الأنصاري لأنه أراد أن لا يسقى النبي صلى الله عليه وسلم ماء صرفا فأراد أن يضيف إليه اللبن فأحضر له ما طلب منه وزاد عليه من جنس جرت عادته بالرغبة فيه ويؤيد هذا ما في رواية الهيثم بن نصر قبل أن الماء كان مثل الثلج (قوله وإلا كرعنا) فيه حذف تقديره فاسقنا وإن لم يكن عندك كرعنا ووقع في رواية ابن ماجة التصريح بطلب السقي والكرع بالراء تناول الماء بالفم من غير إناء ولا كف وقال ابن التين حكى أبو عبد الملك أنه الشرب باليدين معا قال وأهل اللغة على خلافة (قلت) ويرده ما أخرجه ابن ماجة عن ابن عمر قال مررنا على بركة فجعلنا نكرع فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكرعوا ولكن اغسلوا أيديكم ثم اشربوا بها الحديث ولكن في سنده ضعف فإن كان محفوظا فالنهي فيه للتنزيه والفعل لبيان الجواز أو قصة جابر قبل النهي أو النهي في غير حال الضرورة وهذا الفعل كان لضرورة شرب الماء الذي ليس ببارد فيشرب بالكرع لضرورة العطش لئلا تكرهه نفسه إذا تكررت الجرع فقد لا يبلغ الغرض من الري أشار إلى هذا الأخير ابن بطال وإنما قيل للشرب بالفم كرع لأنه فعل البهائم لشربها بأفواهها والغالب أنها تدخل أكارعها حينئذ في الماء ووقع عند ابن ماجة من وجه آخر عن ابن عمر فقال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب على بطوننا وهو الكرع وسنده أيضا ضعيف فهذا إن ثبت احتمل أن يكون النهي خاصا بهذه الصورة وهي أن يكون الشارب منبطحا على بطنه ويحمل حديث جابر على
(٦٧)