الأدم إنما هو بالعرف وقال ابن السكيت السقاء يكون للبن والماء والوطب بالواو للبن خاصة والنحى بكسر النون وسكون المهملة للسمن والقربة للماء وإلا فمن يجيز القياس في اللغة لا يمنع ما صنع سفيان فكأنه كان يرى استواء اللفظين فحدث به مرة هكذا ومرارا هكذا ومن ثم لم يعدها البخاري وهما (قوله فرخص لهم في الجر غير المزفت) في رواية ابن أبي عمر فأرخص وهي لغة يقال أرخص ورخص وفي رواية ابن أبي شيبة فأذن لهم في شئ منه وفي هذا دلالة على أن الرخصة لم تقع دفعة واحدة بل وقع النهي عن الانتباذ إلا في سقاء فلما شكوا رخص لهم في بعض الأوعية دون بعض ثم وقعت الرخصة بعد ذلك عامة لكن يفتقر من قال إن الرخصة وقعت بعد ذلك إلى أن يثبت أن حديث بريدة الدال على ذلك كان متأخرا عن حديث عبد الله بن عمرو هذا (قوله حدثني عبد الله بن محمد) هو الجعفي وليس هو أبا بكر بن أبي شيبة وإن كان هو أيضا عبد الله بن محمد لان قول البخاري بهذا يشعر بأن سياقه مثل سياق علي بن المديني إلا في اللفظة التي اختلفا فيها وسياق ابن أبي شيبة لا يشبه سياق علي (قوله بهذا) أي بهذا الاسناد إلى علي والمتن وقد أخرجه الإسماعيلي عن عمران بن موسى عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن الأعمش فقال بإسناده مثله * الحديث الرابع (قوله عن الأوعية) فيه حذف تقديره نهى عن الانتباذ في الأوعية وقد بين ذلك في رواية زياد بن فياض عن أبي عياض أخرجه أبو داود بلفظ لا تنبذوا في الدباء والغنم والنقير والفرق بين الأسقية من الأدم وبين غيرها أن الأسقية يتخللها الهواء من مسامها فلا يسرع إليها الفساد مثل ما يسرع إلى غيرها من الجرار ونحوها مما نهى عن الانتباذ فيه وأيضا فالسقاء إذا نبذ فيه ثم ربط أمنت مفسدة الاسكار بما يشرب منه لأنه متى تغير وصار مسكرا شق الجلد فلما لم يشقه فهو غير مسكر بخلاف الأوعية لأنها قد تصير النبيذ فيها مسكرا ولا يعلم به وأما الرخصة في بعض الأوعية دون بعض فمن جهة المحافظة على صيانة المال لثبوت النهي عن إضاعته لان التي نهى عنها يسرع التغير إلى ما ينبذ فيها بخلاف ما أذن فيه فإنه لا يسرع إليه التغير ولكن حديث بريدة ظاهر في تعميم الاذن في الجميع يفيد أن لا تشربوا المسكر فكأن الامن حصل بالإشارة إلى ترك الشرب من الوعاء ابتداء حتى يختبر حاله هل تغير أو لا فإنه لا يتعين الاختبار بالشرب بل يقع بغير الشرب مثل أن يصير شديد الغليان أو يقذف بالزبد ونحو ذلك (قوله فقالوا لا بد لنا) (1) في رواية زياد بن فياض أن قائل ذلك أعرابي * الحديث الثالث (قوله حدثني سليمان) هو الأعمش وإبراهيم التيمي هو ابن يزيد بن شريك (قوله عن الدباء والمزفت) زاد في رواية مالك بن عمير عن علي عند أبي داود والختم والنقير (قوله حدثني عثمان) هو ابن أبي شيبة وجرير هو ابن عبد الحميد (قوله عن إبراهيم) هو النخعي (قلت للأسود) هو ابن يزيد النخعي وهو خال إبراهيم الراوي عنه (قوله عم نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتبذ فيه) أي أخبرني عما نهى وعما أصلها عن ما فأدغمت ولا تشبع الميم غالبا ووقع في رواية الإسماعيلي ما نهى بحذف عن (قوله أهل البيت) بالفتح على الاختصاص أو على البدل من الضمير (قوله أما ذكرت) القائل هو إبراهيم وقوله قال أي الأسود وقوله أفنحدث كذا للأكثر بالنون وللكشميهني أفأحدث بالافراد وهو استفهام إنكار وفي رواية الإسماعيلي أفأحدثك ما لم أسمع وإنما استفهم إبراهيم عن الجر والحنتم لاشتهار الحديث بالنهي عن الانتباذ في الأربعة ولعل هذا
(٥٣)