مكان الشعب سلسلة من فضة قال يعني أنسا هو الذي فعل ذلك قال البيهقي كذا في سياق الحديث فما أدري من قاله من رواته هل هو موسى بن هارون أو غيره (قلت) لم يتعين من هذه الرواية من قال هذا وهو جعلت بضم التاء على أنه ضمير القائل وهو أنس بل يجوز أن يكون جعلت بضم أوله على البناء للمجهول فتساوى الرواية التي في الصحيح ووقع لأحمد من طريق شريك عن عاصم رأيت عند أنس قدح النبي صلى الله عليه وسلم فيه ضبة من فضة وهذا أيضا يحتمل والشعب بفتح المعجمة وسكون العين المهملة هو الصدع وكأنه سد الشقوق بخيوط من فضة فصارت مثل السلسلة (قوله وهو قدح جيد عريض من نضار) القائل هو عاصم رواية والعريض الذي ليس بمتطاول بل يكون طوله أقصر من عمقه والنضار بضم النون وتخفيف الضاد المعجمة الخالص من العود ومن كل شئ ويقال أصله من شجر النبع وقيل من الأثل ولونه يميل إلى الصفرة وقال أبو حنيفة الدينوري هو أجود الخشب للآنية وقال في المحكم النضار التبر والخشب (قوله قال) أي عاصم (قال أنس لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا القدح أكثر من كذا وكذا) وقع عند مسلم من طريق ثابت عن أنس لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدحي هذا الشراب كله العسل والنبيذ والماء واللبن وقد تقدمت صفة النبيذ الذي كان يشربه وأنه نقيع التمر أو الزبيب (قوله قال) أي عاصم (وقال ابن سيرين) هو محمد وقد فصل أبو عوانة في روايته هذه ما حمله عاصم عن أنس مما حمله عن ابن سيرين ولم يقع ذلك في رواية أبي حمزة الماضية (قوله إنه كان فيه حلقة من حديد فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة) هو شك من الراوي ويحتمل أن يكون التردد من أنس عند إرادة ذلك أو استشارته أبا طلحة فيه (قوله فقال له أبو طلحة) هو الأنصاري زوج أم سليم والدة أنس (قوله لا تغيرن) كذا للأكثر بالتأكيد والكشميهني لا تغير بصيغة النهي بغير تأكيد وكلام أبي طلحة هذا إن كان ابن سيرين سمعه من أنس وإلا فيكون أرسله عن أبي طلحة لأنه لم يلقه وفي الحديث جواز اتخاذ ضبة الفضة وكذلك السلسلة والحلقة وهو أيضا مما اختلف فيه قال الخطابي منعه مطلقا جماعة من الصحابة والتابعين وهو قول مالك والليث وعن مالك يجوز من الفضة إن كان يسيرا وكرهه الشافعي قال لئلا يكون شاربا على فضة فأخذ بعضهم منه أن الكراهة تختص بما إذا كانت الفضة في موضع الشرب وبذلك صرح الحنفية وقال به أحمد وإسحق وأبو ثور وقال ابن المنذر تبعا لأبي عبيد المفضض ليس هو إناء فضة والذي تقرر عند الشفاعية أن الضبة إن كانت من الفضة وهي كبيرة للزينة تحرم أو للحاجة فتجوز مطلقا وتحرم ضبة الذهب مطلقا ومنهم من سوى بين ضبتي الفضة والذهب وأما الحديث الذي أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي من طريق زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع عن أبيه عن ابن عمر بنحو حديث أم سلمة وزاد فيه أو في إناء فيه شئ من ذلك فإنه معلول بجهالة حال إبراهيم بن عبد الله بن مطيع وولده قال البيهقي الصواب ما رواه عبيد الله العمري عن نافع عن ابن عمر موقوفا أنه كان لا يشرب في قدح فيه ضبة فضة وقد أخرج الطبراني في الأوسط من حديث أم عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الذهب وتفضيض الاقداح ثم رخص في تفضيض الاقداح وهذا لو ثبت لكان حجة في الجواز لكن في سنده من لا يعرف واستدل بقوله أو إناء فيه شئ من ذلك على تحريم الاناء من النحاس أو الحديد المطلي
(٨٧)