فجعل يتقلب على فراشه ويشتكي فقالت له عائشة لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال إن الصالحين يشدد عليهم وأنه لا يصيب المؤمن نكبة شوكة الحديث وفي هذا الحديث تعقب على الشيخ عز الدين بن عبد السلام حيث قال ظن بعض الجهلة أن المصاب مأجور وهو خطأ صريح فإن الثواب والعقاب إنما هو على الكسب والمصايب ليست منها بل الاجر على الصبر والرضا ووجه التعقب أن الأحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت الاجر بمجرد حصول المصيبة وأما الصبر والرضا فقدر زائد يمكن أن يثاب عليهما زيادة على ثواب المصيبة قال القرافي المصايب كفارات جزما سواء اقترن بها الرضا أم لا لكن إن اقترن بها الرضا عظم التكفير وإلا قل كذا قال والتحقيق أن المصيبة كفارة لذنب يوازيها وبالرضا يؤجر على ذلك فإن لم يكن للمصاب ذنب عوض عن ذلك من الثواب بما يوازيه وزعم القرافي أنه لا يجوز لاحد أن يقول للمصاب جعل الله هذه المصيبة كفارة لذنبك لان الشارع قد جعلها كفارة فسؤال التكفير طلب لتحصيل الحاصل وهو إساءة أدب على الشارع كذا قال وتعقب بما ورد من جواز الدعاء بما هو واقع كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسؤال الوسيلة له وأجيب عنه بأن الكلام فيما لم يرد فيه شئ وأما ما ورد فهو مشروع ليثاب من امتثل الامر فيه على ذلك * الحديث الثاني والثالث حديث أبي سعيد وأبي هريرة معا (قوله عبد الملك بن عمرو) هو أبو عامر العقدي مشهور بكنيته أكثر من اسمه وزهير بن محمد هو أبو المنذر التميمي وقد تكلموا في حفظه لكن قال البخاري في التاريخ الصغير ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح (قلت) وقال أحمد بن حنبل كان زهير بن محمد الذي يروي عنه الشاميون آخر لكثرة المناكير انتهى ومع ذلك فما أخرج له البخاري إلا هذا الحديث وحديثا آخر في كتاب الاستئذان من رواية أبي عامر العقدي أيضا عنه وأبو عامر بصري وقد تابعه على هذا الحديث الوليد بن كثير في حديث الباب عن شيخه فيه محمد بن عمرو بن حلحلة عند مسلم وحلحلة بمهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة وبعد الثانية لام مفتوحة ثم هاء (قوله عن النبي صلى الله عليه وسلم) في رواية الوليد بن كثير أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوله من نصب) بفتح النون والمهملة ثم موحدة هو التعب وزنه ومعناه (قوله ولا وصب) بفتح الواو والمهملة ثم الموحدة أي مرض وزنه ومعناه وقيل هو المرض اللازم (قوله ولا هم ولا حزن) هما من أمراض الباطن ولذلك ساغ عطفهما على الوصب (قوله ولا أذى) هو أعم مما تقدم وقيل هو خاص بما يلحق الشخص من تعدي غيره عليه (قوله ولا غم) بالغين المعجمة هو أيضا من أمراض الباطن وهو ما يضيق على القلب وقيل في هذه الأشياء الثلاثة وهي الهم والغم والحزن أن الهم ينشأ عن الفكر فيما يتوقع حصوله مما يتأذى به والغم كرب يحدث للقلب بسبب ما حصل والحزن يحدث لفقد ما يشق على المرء فقده وقيل الهم والغم بمعنى واحد وقال الكرماني الغم يشمل جميع أنواع المكروهات لأنه إما بسبب ما يعرض للبدن أو النفس والأول إما بحيث يخرج عن المجرى الطبيعي أو لا والثاني إما أن يلاحظ فيه الغير أو لا وإما أن يظهر فيه الانقباض أو لا وإما بالنظر إلى الماضي أو لا * الحديث الرابع حديث كعب (قوله حدثنا يحيى) هو القطان وسفيان هو الثوري وسعد هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري وعبد الله بن
(٩١)