كفارة حتى النكبة ينكبها والشوكة يشاكها ثم ذكر المصنف في الباب ستة أحاديث * الحديث الأول حديث عائشة (قوله ما من مصيبة) أصل المصيبة الرمية بالسهم ثم استعملت في كل نازلة وقال الراغب أصاب يستعمل في الخير والشر قال الله تعالى ان تصبك حسنة تسؤهم وأن تصبك مصيبة الآية قال وقيل الإصابة في الخير مأخوذة من الصوب وهو المطر الذي ينزل بقدر الحاجة من غير ضرر وفي الشر مأخوذة من إصابة السهم وقال الكرماني المصيبة في اللغة ما ينزل بالانسان مطلقا وفي العرف ما نزل به من مكروه خاصة وهو المراد هنا (قوله تصيب المسلم) في رواية مسلم من طريق مالك ويونس جميعا عن الزهري ما من مصيبة يصاب بها المسلم ولأحمد من طريق عبد الرزاق عن معمر بهذا السند ما من وجع أو مرض يصيب المؤمن ولابن حبان من طريق ابن أبي السري عن عبد الرزاق ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها ونحوه لمسلم من طريق هشام بن عروة عن أبيه (قوله حتى الشوكة) جوزوا فيه الحركات الثلاث فالجر بمعنى الغاية أي حتى ينتهي إلى الشوكة أو عطفا على لفظ مصيبة والنصب بتقدير عامل أي حتى وجدانه الشوكة والرفع عطفا على الضمير في تصيب وقال القرطبي قيده المحققون بالرفع والنصب فالرفع على الابتداء ولا يجوز على المحل كذا قال ووجهه غيره بأنه يسوغ على تقدير أن من زائدة (قوله يشاكها) بضم أوله أي يشوكه غيره بها وفيه وصل الفعل لان الأصل يشاك بها وقال ابن التين حقيقة هذا اللفظ يعني قوله يشاكها أن يدخلها غيره (قلت) ولا يلزم من كونه الحقيقة أن لا يراد ما هو أعم من ذلك حتى يدخل ما إذا دخلت هي بغير إدخال أحد وقد وقع في رواية هشام بن عروة عند مسلم لا يصيب المؤمن شوكة فإضافة الفعل إليها هو الحقيقة ويحتمل إرادة المعنى الأعم وهي أن تدخل بغير فعل أحد أو بفعل أحد فمن لا يمنع الجمع بين إرادة الحقيقة والمجاز باللفظ الواحد يجوز مثل هذا ويشاكها ضبط بضم أوله ووقع في نسخة الصغاني بفتحه ونسبها بعض شراح المصابيح لصحاح الجوهري لكن الجوهري إنما ضبطها لمعنى آخر فقدم لفظ يشاك بضم أوله ثم قال والشوكة حدة الناس وحدة السلاح وقد شاك الرجل يشاك شوكا إذا ظهرت فيه شوكته وقويت (قوله إلا كفر الله بها عنه) في رواية أحمد إلا كان كفارة لذنبه أي يكون ذلك عقوبة بسبب ما كان صدر منه من المعصية ويكون ذلك سببا لمغفرة ذنبه ووقع في رواية ابن حبان المذكورة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة ومثله لمسلم من طريق الأسود عن عائشة وهذا يقتضي حصول الامرين معا حصول الثواب ورفع العقاب وشاهده ما أخرجه الطبراني في الأوسط من وجه آخر عن عائشة بلفظ ما ضرب على مؤمن عرق قط إلا حط الله به عنه خطيئة وكتب له حسنة ورفع له درجة وسنده جيد وأما ما أخرجه مسلم أيضا من طريق عمرة عنها إلا كتب الله له بها حسنة أو حط عنه بها خطيئة كذا وقع فيه بلفظ أو فيحتمل أن يكون شكا من الراوي ويحتمل التنويع وهذا أوجه ويكون المعنى إلا كتب الله له بها حسنة إن لم يكن عليه خطايا أو حط عنه خطايا إن كان له خطايا وعلى هذا فمقتضى الأول أن من ليست عليه خطيئة يزاد في رفع درجته بقدر ذلك والفضل واسع * (تنبيه) * وقع لهذا الحديث سبب أخرجه أحمد وصححه أبو عوانة والحاكم من طريق عبد الرحمن بن شيبة العبدري أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وجع
(٩٠)