جده ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق ابن القاسم عن مالك حدثني محمد بن عبد الله فذكره (قوله أبا الحباب) بضم المهملة وموحدتين مخففا (قوله من يرد الله به خيرا يصب منه) كذا للأكثر بكسر الصاد والفاعل الله قال أبو عبيد الهروي معناه يبتليه بالمصايب ليثيبه عليها وقال غيره معناه يوجه إليه البلاء فيصيبه وقال ابن الجوزي أكثر المحدثين يرويه بكسر الصاد وسمعت ابن الخشاب يفتح الصاد وهو أحسن وأليق كذا قال ولو عكس لكان أولى والله أعلم ووجه الطيبي الفتح بأنه أليق بالأدب لقوله تعالى وإذا مرضت فهو يشفين (قلت) ويشهد للكسر ما أخرجه أحمد من حديث محمود بن لبيد رفعه إذا أحب الله قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع ورواته ثقات إلا أن محمود بن لبيد اختلف في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم وقد رآه وهو صغير وله شاهد من حديث أنس عند الترمذي وحسنه وفي هذه الأحاديث بشارة عظيمة لكل مؤمن لان الآدمي لا ينفك غالبا من ألم بسبب مرض أو هم أو نحو ذلك مما ذكر وأن الأمراض والأوجاع والآلام بدنية كانت أو قلبية تكفر ذنوب من تقع له وسيأتي في الباب الذي بعده من حديث ابن مسعود ما من مسلم يصيبه أذى إلا حات الله عنه خطاياه وظاهره تعميم جميع الذنوب لكن الجمهور خصوا ذلك بالصغائر للحديث الذي تقدم التنبيه عليه في أوائل الصلاة الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر فحملوا المطلقات الواردة في التكفير على هذا المقيد ويحتمل أن يكون معنى الأحاديث التي ظاهرها التعميم أن المذكورات صالحة لتكفير الذنوب فيكفر الله بها ما شاء من الذنوب ويكون كثرة التكفير وقلته باعتبار شدة المرض وخفته ثم المراد بتكفير الذنب ستره أو محو أثره المرتب عليه من استحقاق العقوبة وقد استدل به على أن مجرد حصول المرض أو غيره مما ذكر يترتب عليه التكفير المذكور سواء انضم إلى ذلك صبر المصاب أم لا وأبى ذلك قوم كالقرطبي في المفهم فقال محل ذلك إذا صبر المصاب واحتسب وقال ما أمر الله به في قوله تعالى الذين إذا أصابتهم مصيبة الآية فحينئذ يصل إلى ما وعد الله ورسوله به من ذلك وتعقب بأنه لم يأت على دعواه بدليل وأن في تعبيره بقوله بما أمر الله نظرا إذ لم يقع هنا صيغة أمر وأجيب عن هذا بأنه وإن لم يقع التصريح بالامر فسياقه يقتضي الحث عليه والطلب له ففيه معنى الامر وعن الأول بأنه حمل الأحاديث الواردة بالتقييد بالصبر على المطلقة وهو حمل صحيح لكن كان يتم له ذلك لو ثبت شئ منها بل هي إما ضعيفة لا يحتج بها وإما قوية لكنها مقيدة بثواب مخصوص فاعتبار الصبر فيها إنما هو لحصول ذلك الثواب المخصوص مثل ما سيأتي فيمن وقع الطاعون ببلد هو فيها فصبر واحتسب فله أجر شهيد ومثل حديث محمد بن خالد عن أبيه عن جده وكانت له صحبة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة فلم يبلغها بعمل ابتلاه الله في جسده أو ولده أو ماله ثم صبر على ذلك حتى يبلغ تلك المنزلة رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات إلا أن خالدا لم يرو عنه غير ابنه محمد وأبوه اختلف في اسمه لكن إبهام الصحابي لا يضر وحديث سخبرة بمهملة ثم معجمة ثم موحدة وزن مسلمة رفعه من أعطى فشكر وابتلى فصبر وظلم فاستغفر وظلم فغفر أولئك لهم الامن وهم مهتدون أخرجه الطبراني بسند حسن والحديث الآتي قريبا من ذهب بصره يدخل في هذا أيضا هكذا زعم
(٩٤)