والمعنى في النهي أن العهد بإباحة الخمر كان قريبا فلما اشتهر التحريم أبيح لهم الانتباذ في كل وعاء بشرط ترك شرب المسكر وكأن من ذهب إلى استمرار النهي لم يبلغه الناسخ وقال الحازمي لمن نصر قول مالك أن يقول ورد النهي عن الظروف كلها ثم نسخ منها ظروف الأدم والجرار غير المزفتة واستمر ما عداها على المنع ثم تعقب ذلك بما ورد من التصريح في حديث بريدة عند مسلم ولفظه نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرا قال وطريق الجمع أن يقال لما وقع النهي عاما شكوا إليه الحاجة فرخص لهم في ظروف الأدم ثم شكوا إليه أن كلهم لا يجد ذلك فرخص لهم في الظروف كلها * الحديث الأول (قوله سفيان) هو الثوري ومنصور هو ابن المعتمر (قوله عن سالم) وقع مفسرا في الطريق التي بعدها أنه ابن أبي الجعد والظروف بظاء مشالة معجمة جمع ظرف بفتح أوله وهو الوعاء (قوله نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظروف) في رواية مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر نهى عن الدباء والمزفت وكأن هذه الطريق لما لم تكن على شرط البخاري أورد عقب حديث جابر أحاديث عبد الله بن عمرو وعلي وعائشة الدالة على ذلك (قوله لا بد لنا منها) في رواية الحفري عن الثوري عند الإسماعيلي ليس لنا وعاء وفي رواية لأحمد في قصة وفد عبد القيس فقال رجل من القوم يا رسول الله إن الناس لا ظروف لهم فقال اشربوه إذا طاب فإذا خبث فذروه وأخرج أبو يعلى وصححه ابن حبان من حديث الأشج العصري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم مالي أرى وجوهكم قد تغيرت قالوا نحن بأرض وخمة وكنا نتخذ من هذه الأنبذة ما يقطع اللحمان في بطوننا فلما نهيتنا عن الظروف فذلك الذي ترى في وجوهنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الظروف لا تحل ولا تحرم ولكن كل مسكر حرام (قوله فلا إذا) جواب وجزاء أي إذا كان كذلك لابد لكم منها فلا تدعوها وحاصله أن النهي كان ورد على تقدير عدم الاحتياج أو وقع وحي في الحال بسرعة أو كان الحكم في تلك المسئلة مفوضا لرأيه صلى الله عليه وسلم وهذه الاحتمالات ترد على من جزم بأن الحديث حجة في أنه صلى الله عليه وسلم كان يحكم بالاجتهاد (قوله وقال لي خليفة) هو ابن خياط بمعجمة ثم تحتانية ثقيلة وهو من شيوخ البخاري ويحيى بن سعيد هو القطان * الحديث الثاني (قوله علي) هو ابن المديني وسفيان هو ابن عيينة (قوله عن سليمان) في رواية الحميدي عن سفيان حدثنا سليمان الأحول وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من رواية الحميدي كذلك (قوله عن أبي عياض العنسي) بالنون وعياض بكسر المهملة وتخفيف التحتانية وبعد الألف ضاد معجمه واسمه عمرو بن الأسود وقيل قيس بن ثعلبة وبذلك جزم أبو نصر الكلاباذي في رجال البخاري وكأنه تبع ما نقله البخاري عن علي بن المديني وقال النسائي في الكنى أبو عياض عمرو ابن الأسود العنسي ثم ساق من طريق شرحبيل بن عمرو بن مسلم عن عمرو بن الأسود الحمصي أبي عياض ثم روى عن معاوية بن صالح عن يحيى بن معين قال عمرو بن الأسود العنسي يكنى أبا عياض ومن طريق البخاري قال لي علي يعني ابن المديني أن لم يكن اسم أبي عياض قيس بن ثعلبة فلا أدري قال البخاري وقال غيره عمرو بن الأسود قال النسائي ويقال كنية عمرو بن الأسود أبو عبد الرحمن (قلت) أورد الحاكم أبو أحمد في الكنى محصل ما أورده النسائي إلا قول يحيى بن معين وذكر أنه سمع عمر ومعاوية وأنه روى عنه مجاهد وخالد بن معدان وأرطاة بن المنذر وغيرهم وذكر في رواية
(٥١)