العصير حتى يصير مثل طلاء الإبل وقال ابن قرقول الباذق المطبوخ من عصير العنب إذا أسكر أو إذا طبخ بعد أن أشتد وذكر بن سيده في المحكم أنه من أسماء الخمر وأغرب الداودي فقال إنه يشبه الفقاع إلا أنه ربما أشتد وأسكر وكلام من هو أعرف منه بذلك يخالفه ويقال للباذق أيضا المثلث إشارة إلى أنه ذهب منه بالطبخ ثلثاه وكذلك المنصف وهو ما ذهب نصفه وتسميه العجم ميجنتج بفتح الميم وسكون التحتانية وضم الموحدة وسكون المعجمة وفتح المثناة وآخره جيم ومنهم من يضم المثناة وروايته في مصنف ابن أبي شيبة بدال بدل المثناة وبحذف الميم والياء من أوله (قوله ومن نهى عن كل مسكر من الأشربة) كأنه أخذه من قول عمر فإن كان يسكر جلدته مع نقله عنه تجويز شرب الطلاء على الثلث فكأنه يؤخذ من الخبرين أن الذي أباحه ما لم يسكر أصلا وأما قوله من الأشربة فلأن الآثار التي أوردها مرفوعها وموقوفها تتعلق بما يشرب وقد سبق جمع طرق حديث كل مسكر حرام في باب الخمر من العسل (قوله ورأى عمر وأبو عبيدة ومعاذ شرب الطلاء على الثلث) أي رأوا جواز شرب الطلاء إذا طبخ فصار على الثلث ونقص منه الثلثان وذلك بين من سياق ألفاظ هذه الآثار فأما أثر عمر فأخرجه مالك في الموطأ من طريق محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها وقالوا لا يصلحنا إلا هذا الشراب فقال عمر اشربوا العسل قالوا ما يصلحنا العسل فقال رجال من أهل الأرض هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر فقال نعم فطبخوه حتى ذهب منه ثلثان وبقي الثلث فأتوا به عمر فأدخل فيه إصبعه ثم رفع يده فتبعها يتمطط فقال هذا الطلاء مثل طلاء الإبل فأمرهم عمر أن يشربوه وقال عمر اللهم أني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم وأخرج سعيد بن منصور من طريق أبي مجاز عن عامر بن عبد الله قال كتب عمر إلى عمار أما بعد فإنه جاءني عير تحمل شرابا أسود كأنه طلاء الإبل فذكروا أنهم يطبخونه حتى يذهب ثلثاه الأخبثان ثلث بريحه وثلث ببغيه فمر من قبلك أن يشربوه ومن طريق سعيد بن المسيب أن عمر أحل من الشراب ما طبخ فذهب ثلثاه وبقي ثلثه وأخرج النسائي من طريق عبد الله بن يزيد (1) الخطمي قال كتب عمر اطبخوا شرابكم حتى يذهب نصيب الشيطان منه فإن للشيطان اثنين ولكم واحد وهذه أسانيد صحيحة وقد أفصح بعضها بأن المحذور منه السكر فمتى أسكر لم يحل وكأنه أشار بنصيب الشيطان إلى ما أخرجه النسائي من طريق ابن سيرين في قصة نوح عليه السلام قال لما ركب السفينة فقد الحبلة (2) فقال له الملك أن الشيطان أخذها ثم أحضرت له ومعها الشيطان فقال له الملك أنه شريكك فيها فأحسن الشركة قال له النصف قال أحسن قال له الثلثان ولي الثلث قال أحسنت وأنت محسان أن تأكله عنبا وتشربه عصيرا وما طبخ على الثلث فهو لك ولذريتك وما جاز عن الثلث فهو من نصيب الشيطان وأخرج أيضا من وجه آخر عن ابن سيرين عن أنس بن مالك فذكره ومثله لا يقال بالرأي فيكون له حكم المرفوع وأغرب ابن حزم فقال أنس بن مالك لم يدرك نوحا فيكون منقطعا وأما أثر أبي عبيدة وهو ابن الجراح ومعاذ وهو ابن جبل فأخرجه أبو مسلم الكجي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة من طريق قتادة عن أنس أن أبا عبيدة ومعاذ بن جبل وأبا طلحة كانوا يشربون من الطلاء ما طبخ على الثلث وذهب ثلثاه والطلاء بكسر المهملة والمد هو الدبس شبه بطلاء الإبل وهو القطران الذي يدهن
(٥٥)