تقدير أن يكون المحفوظ هو الشك فالشك في اسم الصحابي لا يضر وقد أعله بذلك ابن حزم وهو مردود وأعجب منه أن ابن بطال حكى عن المهلب أن سبب كون البخاري لم يقل فيه حدثنا هشام ابن عمار وجود الشك في اسم الصحابي وهو شئ لم يوافق عليه والمحفوظ رواية الجماعة وقد أخرجه البخاري في التاريخ من طريق إبراهيم بن عبد الحميد عمن أخبره عن أبي مالك أو أبي عامر على الشك أيضا وقال إنما يعرف هذا عن أبي مالك الأشعري انتهى وقد أخرجه أحمد وابن أبي شيبة والبخاري في التاريخ من طريق مالك بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها تغدو عليهم القيان وتروح عليهم المعازف الحديث فظهر بهذا أن الشك فيه من عطية بن قيس لان مالك بن أبي مريم وهو رفيقه فيه عن شيخهما لم يشك في أبي مالك على أن التردد في اسم الصحابي لا يضر كما تقرر في علوم الحديث فلا التفات إلى من أعل الحديث بسبب التردد وقد ترجح أنه عن أبي مالك الأشعري وهو صحابي مشهور (قوله والله ما كدبني) هذا يؤيد رواية الجماعة أنه عن غير واحد لا عن اثنين (قوله يستحلون الحر) ضبطه ابن ناصر بالحاء المهملة المكسورة والراء الخفيفة وهو الفرج وكذا هو في معظم الروايات من صحيح البخاري ولم يذكر عياض ومن تبعه غيره وأغرب ابن التين فقال إنه عند البخاري بالمعجمتين وقال ابن العربي هو بالمعجمتين تصحيف وإنما رويناه بالمهملتين وهو الفرج والمعنى يستحلون الزنا قال ابن التين يريد ارتكاب الفرج بغير حله وإن كان أهل اللغة لم يذكروا هذه اللفظة بهذا المعنى ولكن العامة تستعمله بكسر المهملة كما في هذه الرواية وحكى عياض فيه تشديد الراء والتخفيف هو الصواب وقيل أصله بالياء بعد الراء فحذفت وذكره أبو موسى في ذيل الغريب في ح ر وقال هو بتخفيف الراء وأصله حرح بكسر أوله وتخفيف الراء بعدها مهملة أيضا وجمعه أحراح قال ومنهم من يشدد الراء وليس بجيد وترجم أبو داود للحديث في كتاب اللباس باب ما جاء في الحر ووقع في روايته بمعجمتين والتشديد والراجح بالمهملتين ويؤيده ما وقع في الزهد لابن المبارك من حديث علي بلفظ يوشك أن تستحل أمتي فروج النساء والحرير ووقع عند الداودي بالمعجمتين ثم تعقبه بأنه ليس بمحفوظ لان كثيرا من الصحابة لبسوه وقال ابن الأثير المشهور في رواية هذا الحديث بالاعجام وهو ضرب من الإبر يسم كذا قال وقد عرف أن المشهور في رواية البخاري بالمهملتين قال ابن العربي الخز بالمعجمتين والتشديد مختلف فيه والأقوى حله وليس فيه وعيد ولا عقوبة بإجماع * (تنبيه) * لم تقع هذه اللفظة عند الإسماعيلي ولا أبي نعيم من طريق هشام بل في روايتهما يستحلون الحرير والخمر والمعازف وقوله يستحلون قال ابن العربي يحتمل أن يكون المعنى يعتقدون ذلك حلالا ويحتمل أن يكون ذلك مجازا على الاسترسال أي يسترسلون في شربها كالإسترسال في الحلال وقد سمعنا ورأينا من يفعل ذلك (قوله والمعازف) بالعين المهملة والزاي بعدها فاء جمع معزفة بفتح الزاي وهي آلات الملاهي ونقل القرطبي عن الجوهري أن المعازف الغناء والذي في صحاحه أنها آلات اللهو وقيل أصوات الملاهي وفي حواشي الدمياطي المعازف الدفوف وغيرها مما يضرب به ويطلق على الغناء عزف وعلى كل لعب عزف ووقع في رواية مالك بن أبي مريم تغدو عليهم القيان وتروح عليهم المعازف (قوله
(٤٨)