وقد سئل أحمد عمن يطلق السحر عن المسحور فقال لا بأس به وهذا هو المعتمد ويجاب عن الحديث والأثر بأن قوله النشرة من عمل الشيطان إشارة إلى أصلها ويختلف الحكم بالقصد فمن قصد بها خيرا كان خيرا وإلا فهو شر ثم الحصر المنقول عن الحسن ليس على ظاهره لأنه قد ينحل بالرقى والأدعية والتعويذ ولكن يحتمل أن تكون النشرة نوعين (قوله به طب) بكسر الطاء أي سحر وقد تقدم توجيهه (قوله أو يؤخذ) بفتح الواو مهموز وتشديد الخاء المعجمة وبعدها معجمة أي يحبس عن امرأته ولا يصل إلى جماعها والآخذة بضم الهمزة هي الكلام الذي يقوله الساحر وقيل خرزة يرقى عليها أو هي الرقية نفسها (قوله أو) يحل عنه بضم أوله وفتح المهملة (قوله أو ينشر) بتشديد المعجمة من النشرة بالضم وهي ضرب من العلاج يعالج به من يظن أن به سحرا أو مسا من الجن قيل لها ذلك لأنه يكشف بها عنه ما خالطه من الداء ويوافق قول سعيد ابن المسيب ما تقدم في باب الرقية في حديث جابر عند مسلم مرفوعا من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل ويؤيد مشروعية النشرة ما تقدم في حديث العين حق في قصة اغتسال العائن وقد أخرج عبد الرزاق من طريق الشعبي قال لا بأس بالنشرة العربية التي إذا وطئت لا تضره وهي أن يخرج الانسان في موضع عضاه فيأخذ عن يمينه وعن شماله من كل ثم يدقه ويقرأ فيه ثم يغتسل به وذكر ابن بطال أن في كتب وهب بن منبه أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين ثم يضربه بالماء ويقرأ فيه آية الكرسي والقوافل ثم يحسو منه ثلاث حسوات ثم يغتسل به فإنه يذهب عند كل ما به وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله وممن صرح بجواز النشرة المزني صاحب الشافعي وأبو جعفر الطبري وغيرهما ثم وقفت على صفة النشرة في كتاب الطب النبوي لجعفر المستغفري قال وجدت في خط نصوح بن واصل على ظهر جزء من تفسير قتيبة بن أحمد البخاري قال قال قتادة لسعيد بن المسيب رجل به طب أخذ عن امرأته أيحل له أن ينشر قال لا بأس إنما يريد به الاصلاح فأما ما ينفع فلم ينه عنه قال نصوح فسألني حماد بن شاكر ما الحل وما النشرة فلم أعرفهما فقال هو الرجل إذا لم يقدر على مجامعة أهله وأطاق ما سواها فإن المبتلي بذلك يأخذ حزمة قضبان وفأسا ذا قطارين ويضعه في وسط تلك الحزمة ثم يؤجج نارا في تلك الحزمة حتى إذا ما حمى الفأس استخرجه من النار وبال على حره فإنه يبرأ بإذن الله تعالى وأما النشرة فإنه يجمع أيام الربيع ما قدر عليه من ورد المفاره وورد البساتين ثم يلقيها في إناء نظيف ويجعل فيهما ماء عذبا ثم يغلي ذلك الورد في الماء غليا يسيرا ثم يمهل حتى إذا فتر الماء أفاضه عليه فإنه يبرأ بإذن الله تعالى قال حاشد تعلمت هاتين الفائدتين بالشام (قلت) وحاشد هذا من رواة الصحيح عن البخاري وقد أغفل المستغفري أن أثر قتادة هذا علقه البخاري في صحيحه وأنه وصله الطبري في تفسيره ولو أطلع على ذلك ما اكتفى بعروه إلى تفسير قتيبة بن أحمد بغير إسناد وأغفل أيضا أثر الشعبي في صفته وهو أعلى ما اتصل بنا من ذلك ثم ذكر حديث عائشة في قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم وقد سبق شرحه مستوفي قريبا وقوله فيه قال سفيان وهذا أشد ما يكون من السحر سفيان هو ابن عيينة وهو موصول بالسند المذكور ولم أقف على كلام سفيان هذا في مسند الحميدي ولا ابن أبي عمر ولا غيرهما والله أعلم (قوله في جف طلعة ذكر تحت رعوفة) في رواية الكشميهني راعوفة بزيادة ألف بعد الراء وهو كذلك لأكثر الرواة وعكس ابن التين وزعم أن راعوفة للأصيلي فقط وهو المشهور في اللغة وفي لغة أخرى
(١٩٩)