حين يصبح وأراد لابتي المدينة وأن لم يجر لها ذكر للعلم بها (قوله لم يضره سم ولاسحر ذلك اليوم إلى الليل) السم معروف وهو مثلث السين والسحر تقدم تحرير القول فيه قريبا وقوله ذلك اليوم ظرف وهو معمول ليضره أو صفة لسحر وقوله إلى الليل فيه تقييد الشفاء المطلق في رواية ابن أبي مليكة حيث قال شفاء أول البكرة في أو ترياق وتردده في ترياق شك من الراوي والبكرة بضم الموحدة وسكون الكاف يوافق ذكر الصباح في حديث سعد والشفاء أشمل من الترياق يناسب ذكر السم والذي وقع في حديث سعد شيئان السحر والسم فمعه زيادة علم وقد أخرج النسائي من حديث جابر رفعه العجوة من الجنة وهي شفاء من السم وهذا يوافق رواية ابن أبي مليكة والترياق بكسر المثناة وقد تضم وقد تبدل المثناة دالا أو طاء بالاهمال فيهما وهو دواء مركب معروف يعالج به المسموم فأطلق على العجوة اسم الترياق تشبيها لها به وأما الغاية في قوله إلى الليل فمفهومه أن السر الذي في العجوة من دفع ضرر السحر والسم يرتفع إذا دخل الليل في حق من تناوله من أول النهار ويستفاد منه إطلاق اليوم على ما بين طلوع الفجر أو الشمس إلى غروب الشمس ولا يستلزم دخول الليل ولم أقف في شئ من الطرق على حكم من تناول ذلك في أول الليل هل يكون كمن تناوله أول النهار حتى يندفع عنه ضرر السم والسحر إلى الصباح والذي يظهر خصوصية ذلك بالتناول أول النهار لأنه حينئذ يكون الغالب أن تناوله يقع على الريق فيحتمل أن يلحق به من تناول الليل على الريق كالصائم وظاهر الاطلاق أيضا المواظبة على ذلك وقد وقع مقيدا فيما أخرجه الطبري من رواية عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها كانت تأمر بسبع تمرات عجوة في سبع غدوات وأخرجه ابن عدي من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن هشام مرفوعا وذكر ابن عدي أنه تفرد به ولعله أراد تفرده برفعه وهو من رجال البخاري لكن في المتابعات (قوله وقال غيره سبع تمرات) وقع في نسخة الصغاني يعني غير حديث علي انتهى والغير كأنه أراد به جمعة وقد تقدم في الأطعمة عنه أو غيره ممن نبهت عليه ممن رواه كذلك (قوله في رواية أبي أسامة سبع تمرات عجوة) في رواية الكشميهني بسبع تمرات بزيادة الموحدة في أوله ويجوز في تمرات عجوة الإضافة فتخفض كما تقول ثياب خز ويجوز التنوين على أنه عطف بيان أو صفه لسبع أو تمرات ويجوز النصب منونا على تقدير فعل أو على التمييز قال الخطابي كون العجوة تنفع من السم والسحر إنما هو ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لتمر المدينة لا لخاصية في التمر وقال ابن التين يحتمل أن يكون المراد نخلا خاصا بالمدينة لا يعرف الآن وقال بعض شراح المصابيح نحوه وأن ذلك لخاصية فيه قال ويحتمل أن يكون ذلك خاصا بزمانه صلى الله عليه وسلم وهذا يبعده وصف عائشة لذلك بعده صلى الله عليه وسلم وقال بعض شراح المشارق أما تخصيص تمر المدينة بذلك فواضح من ألفاظ المتن وأما تخصيص زمانه بذلك فبعيد وأما خصوصية السبع فالظاهر أنه لسر فيها وإلا فيستحب أن يكون ذلك وترا وقال المازري هذا مما لا يعقل معناه في طريقة علم الطب ولو صح أن يخرج لمنفعة التمر في السم وجه من جهة الطب لم يقدر على إظهار وجه الاقتصار على هذا العدد الذي هو السبع ولا على الاقتصار على هذا الجنس الذي هو العجوة ولعل ذلك كان لأهل زمانه صلى الله عليه وسلم خاصة أولا كثرهم إذا لم يثبت استمرار وقوع الشفاء في زماننا غالبا وأن وجد في الأكثر حمل على أنه أراد وصف غالب
(٢٠٤)