فعلى هذا فقوله بئر ذروان من إضافة الشئ لنفسه ويجمع بينهما وبين رواية ابن نمير بأن الأصل بئر ذي أروان ثم لكثرة الاستعمال سهلت الهمزة فصارت ذروان ويؤيده أن أبا عبيد البكري صوب أن اسم البئر أروان بالهمز وأن من قال ذروان أخطأ وقد ظهر أنه ليس بخطأ على ما وجهته ووقع في رواية أحمد عن وهيب وكذا في روايته عن ابن نمير بئر أروان كما قال البكري فكأن رواية الأصيلي كانت مثلها فسقطت منها الراء ووقع عند الأصيلي فيما حكاه عياض في بئر ذي أو ان بغير راء قال عياض وهو وهم فإن هذا موضع آخر على ساعة من المدينة وهو الذي بني فيه مسجد الضرار (قوله فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه) وقع في حديث ابن عباس عند ابن سعد فبعث إلى علي وعمار فأمرهما أن يأتيا البئر وعنده في مرسل عمر بن الحكم فدعا جبير بن إياس الزرقي وهو ممن شهد بدرا فدله على موضعه في بئر ذروان فاستخرجه قال ويقال الذي استخرجه قيس بن محصن الزرقي ويجمع بأنه أعان جبيرا على ذلك وباشره بنفسه فنسب إليه وعند ابن سعد أيضا أن الحرث بن قيس قال يا رسول الله ألا يهور البئر فيمكن تفسير من أبهم بهؤلاء أو بعضهم وأن النبي صلى الله عليه وسلم وجههم أولا ثم توجه فشاهدها بنفسه (قوله فجاء فقال يا عائشة) في رواية وهيب فلما رجع قال يا عائشة ونحوه في رواية أبي أسامة ولفظه فذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى البئر فنظر إليها ثم رجع إلى عائشة فقال وفي رواية عمرة عن عائشة فنزل رجل فاستخرجه وفيه من الزيادة أنه وجد في الطلعة تمثالا من شمع تمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا فيه أبر مغروزة وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة فنزل جبريل بالمعوذتين فكلما قرا آية انحلت عقدة وكلما نزع إبرة وجد لها ألما ثم يجد بعدها راحة وفي حديث ابن عباس نحوه كما تقدم التنبيه عليه وفي حديث زيد بن أرقم الذي أشرت إليه عند عبد بن حميد وغيره فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين وفيه فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية فجعل يقرأ ويحل حتى قام كأنما نشط من عقال وعند ابن سعد من طريق عمر مولى غفرة معضلا فاستخرج السحر من الجف من تحت البئر ثم نزعه فحله فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوله كأن ماءها) في رواية ابن نمير والله لكأن ماءها أي البئر (نقاعة الحناء) بضم النون وتخفيف القاف والحناء معروف وهو بالمد أي أن لون ماء البئر لون الماء الذي ينقع فيه الحناء قال ابن التين يعني أحمر وقال الداودي المراد الماء الذي يكون من غسالة الاناء الذي يعجن فيه الحناء (قلت) ووقع في حديث زيد بن أرقم عند ابن سعد وصححه الحاكم فوجد الماء وقد اخضر وهذا يقوي قول الداودي قال القرطبي كأن ماء البئر قد تغير إما لردائه بطول إقامته وإما لما خالطه من الأشياء التي ألقيت في البئر (قلت) ويرد الأول أن عند ابن سعد في مرسل عبد الرحمن بن كعب أن الحرث بن قيس هور البئر المذكورة وكان يستعذب منها وحفر بئرا أخرى فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرها (قوله وكأن رؤس نخلها رؤس الشياطين) كذا هنا وفي الرواية التي في بدء الخلق نخلها كأنه رؤس الشياطين وفي رواية ابن عيينة وأكثر الرواة عن هشام كأن نخلها بغير ذكر رؤس أولا والتشبيه إنما وقع على رؤس النخل فلذلك أفصح به في رواية الباب وهو مقدر في غيرها ووقع في رواية عمرة عن عائشة فإذا نخلها الذي يشرب من مائها قد التوى سعفه كأنه رؤس الشياطين وقد وقع تشبيه طلع شجرة الزقوم في القرآن برؤس
(١٩٦)