على إطلاقه بل المكروه منه ما يقع مع التكلف في معرض مدافعة الحق وأما ما يقع عفوا بلا تكلف في الأمور المباحة فجائز وعلى ذلك يحمل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الدعوات والحاصل أنه إن جمع الامرين من التكلف وإبطال الحق كان مذموما وان اقتصر على أحدهما كان أخف في الذم ويخرج من ذلك تقسيمه إلى أربعة أنواع فالمحمود ما جاء عفوا في حق ودونه ما يقع متكلفا في حق أيضا والمذموم عكسهما وفي الحديث من الفوائد أيضا رفع الجناية للحاكم ووجوب الدية في الجنين ولو خرج ميتا كما سيأتي تقريره في كتاب الديات مع استيفاء فوائده * الحديث الثاني حديث أبي مسعود وهو عقبة بن عمرو في النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن وقد تقدم شرحه في أواخر كتاب البيع * الحديث الثالث (قوله عن يحيى بن عروة بن الزبير عن عروة) كأن هذا مما فات الزهري سماعه من عروة فحمله عن ولده عنه مع كثرة ما عند الزهري عن عروة وقد وصفه الزهري بسعة العلم ووقع في رواية معقل ابن عبيد الله عند مسلم عن الزهري أخبرني يحيى بن عروة أنه سمع عروة وكذا للمصنف في التوحيد من طريق يونس وفي الأدب من طريق ابن جريج كلاهما عن ابن شهاب ولم أقف ليحيى بن عروة في البخاري إلا على هذا الحديث وقد روى بعض هذا الحديث محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود عن عروة وتقدم موصولا في بدء الخلق وكذا هشام بن عروة عن أبيه به (قوله سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية الكشميهني سأل ناس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا هو في رواية يونس وعند مسلم من رواية معقل مثله ومن رواية معقل مثل الذي قبله وقد سمي ممن سأل عن ذلك معاوية بن الحكم السلمي كما أخرجه مسلم من حديثه قال قلت يا رسول الله أمورا كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان فقال لا تأتوا الكهان الحديث وقال الخطابي هؤلاء الكهان فيما علم بشهادة الامتحان قوم لهم أذهان حادة ونفوس شريرة وطبائع نارية فهم يفزعون إلى الجن في أمورهم ويستفتونهم في الحوادث فيلقون إليهم الكلمات ثم تعرض إلى مناسبة ذكر الشعراء بعد ذكرهم في قوله تعالى هل أنبئكم على من تنزل الشياطين (قوله فقال ليس بشئ) في رواية مسلم ليسوا بشئ وكذا في رواية يونس في التوحيد وفي نسخة فقال لهم ليسوا بشئ أي ليس قولهم بشئ يعتمد عليه والعرب تقول لمن عمل شيئا ولم يحكمه ما عمل شيئا قال القرطبي كانوا في الجاهلية يترافعون إلى الكهان في الوقائع والاحكام ويرجعون إلى أقوالهم وقد انقطعت الكهانة بالبعثة المحمدية لكن بقي في الوجود من يتشبه بهم وثبت النهي عن اتيانهم فلا يحل اتيانهم ولا تصديقهم (قوله إنهم يحدثوننا أحيانا بشئ فيكون حقا) في رواية يونس فإنهم يتحدثون هذا أورده السائل إشكالا على عموم قوله ليسوا بشئ لأنه فهم منه أنهم لا يصدقون أصلا فأجابه صلى الله عليه وسلم عن سبب ذلك الصدق وأنه إذا اتفق أن يصدق لم يتركه خالصا بل يشوبه بالكذب (قوله تلك الكلمة من الحق) كذا في البخاري بمهملة وقاف أي الكلمة المسموعة التي تقع حقا ووقع في مسلم تلك الكلمة من الجن قال النووي كذا في نسخ بلادنا بالجيم والنون أي الكلمة المسموعة من الجن أو التي تصح مما نقلته الجن (قلت) التقدير الثاني يوافق رواية البخاري قال النووي وقد حكى عياض أنه وقع يعني في مسلم بالحاء والقاف (قوله يخطفها الجني) كذا للأكثر وفي رواية السرخسي يخطفها من الجني أي الكاهن يخطفها من الجني أو الجني الذي يلقى الكاهن
(١٨٥)