يشتمل على هذا المعنى وقد أخرج الترمذي وحسنه والنسائي من حديث أبي سعيد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الانسان حتى نزلت المعوذات فأخذ بها وترك ما سواها وهذا لا يدل على المنع من التعوذ بغير هاتين السورتين بل يدل على الأولوية ولا سيما مع ثبوت التعوذ بغيرهما وإنما اجتزأ بهما لما اشتملتا عليه من جوامع الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا وقد أجمع العلماء على جواز الرقي عند اجتماع ثلاثة شروط أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى واختلفوا في كونها شرطا والراجح أنه لا بد من اعتبار الشروط المذكورة ففي صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك قال كنا نرقى في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك فقال اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك وله من حديث جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقي فجاء آل عمرو بن حزم فقالوا يا رسول الله إنه كانت عندنا رقية نرقى بها من العقرب قال فعرضوا عليه فقال ما أرى بأسا من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه وقد تمسك قوم بهذا العموم فأجزؤوا كل رقية جربت منفعتها ولو لم يعقل معناها لكن دل حديث عوف أنها مهما كان من الرقي يؤدي إلى الشرك يمنع وما لا يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدي إلى الشرك فيمتنع احتياطا والشرط الآخر لا بد منه وقال قوم لا تجوز الرقية إلا من العين واللدغة كما تقدم في باب من اكتوى من حديث عمران بن حصين لا رقية الا من عين أو حمة وأجيب بأن معنى الحصر فيه أنهما أصل كل ما يحتاج إلى الرقية فيلتحق بالعين جواز رقية من به خبل أو مس ونحو ذلك لاشتراكها في كونها تنشأ عن أحوال شيطانية من إنسي أو جني ويلتحق بالسم كل ما عرض للبدن من قرح ونحوه من المواد السمية وقد وقع عند أبي داود في حديث أنس مثل حديث عمران وزاد أو دم وفي مسلم من طريق يوسف بن عبد الله بن الحرث عن أنس قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقي من العين والحمة والنملة وفي حديث آخر والاذن ولأبي داود من حديث الشفاء بنت عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ألا تعلمين هذه يعني حفصة رقية النملة والنملة قروح تخرج في الجنب وغيره من الجسد وقيل المراد بالحصر معنى الأفضل أي لا رقية أنفع كما قيل لا سيف إلا ذو الفقار وقال قوم المنهي عنه من الرقي ما يكون قبل وقوع البلاء والمأذون فيه ما كان بعد وقوعه ذكره ابن عبد البر والبيهقي وغيرهما وفيه نظر وكأنه مأخوذ من الخبر الذي قرنت فيه التمائم بالرقى فأخرج أبو داود وابن ماجة وصححه الحاكم من طريق ابن أخي زينب امرأة ابن مسعود عنها عن ابن مسعود رفعه أن الرقي والتمائم والتولة شرك وفي الحديث قصة والتمائم جمع تميمة وهي خرز أو قلادة تعلق في الرأس كانوا في الجاهلية يعتقدون أن ذلك يدفع الآفات والتولة بكسر المثناة وفتح الواو واللام مخففا شئ كانت المرأة تجلب به محبة زوجها وهو ضرب من السحر وإنما كان ذلك من الشرك لانهم أرادوا دفع المضار وجلب المنافع من عند غير الله ولا يدخل في ذلك ما كان بأسماء الله وكلامه فقد ثبت في الأحاديث استعمال ذلك قبل وقوعه كما سيأتي قريبا في باب المرأة ترقى الرجل من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه ينفث المعوذات ويمسح بهما وجهه الحديث ومضى في أحاديث الأنبياء حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين بكلمات الله التامة
(١٦٦)