من كل شيطان وهامة الحديث وصحح الترمذي من حديث خولة بنت حكيم مرفوعا من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شئ حتى يتحول وعند أبي داود والنسائي بسند صحيح عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن رجل من أسلم جاء رجل فقال لدغت الليلة فلم أنم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك والأحاديث في هذا المعنى موجودة لكن يحتمل أن يقال إن الرقي أخص من التعوذ وإلا فالخلاف في الرقي مشهور ولا خلاف في مشروعية الفزع إلى الله تعالى والالتجاء إليه في كل ما وقع وما يتوقع وقال ابن التين الرقي بالمعوذات وغيرها من أسماء الله هو الطب الروحاني إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله تعالى فلما عز هذا النوع فزع الناس إلى الطب الجسماني وتلك الرقي المنهي عنها التي يستعملها المعزم وغيره ممن يدعي تسخير الجن له فيأتي بأمور مشتبهة مركبة من حق وباطل يجمع إلى ذكر الله وأسمائه ما يشوبه من ذكر الشياطين والاستعانة بهم والتعوذ بمردتهم ويقال إن الحية لعداوتها للانسان بالطبع تصادق الشياطين لكونهم أعداء بني آدم فإذا عزم على الحية بأسماء الشياطين أجابت وخرجت من مكانها وكذا اللديغ إذا رقي بتلك الأسماء سالت سمومها من بدن الانسان فلذلك كره من الرقي ما لم يكن بذكر الله وأسمائه خاصة وباللسان العربي الذي يعرف معناه ليكون بريئا من الشرك وعلى كراهة الرقي بغير كتاب الله علماء الأمة وقال القرطبي الرقي ثلاثة أقسام أحدها ما كان يرقى به في الجاهلية مما لا يعقل معناه فيجب اجتنابه لئلا يكون فيه شرك أو يؤدي إلى الشرك الثاني ما كان بكلام الله أو بأسمائه فيجوز فإن كان مأثورا فيستحب الثالث ما كان بأسماء غير الله من ملك أو صالح أو معظم من المخلوقات كالعرش قال فهذا فليس من الواجب اجتنابه ولا من المشروع الذي يتضمن الالتجاء إلى الله والتبرك بأسمائه فيكون تركه أولى إلا أن يتضمن تعظيم المرقي به فينبغي أن يجتنب كالحلف بغير الله تعالى (قلت) ويأتي بسط ذلك في كتاب الايمان إن شاء الله تعالى وقال الربيع سألت الشافعي عن الرقية فقال لا بأس أن يرقى بكتاب الله وما يعرف من ذكر الله قلت أيرقى أهل الكتاب المسلمين قال نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله وبذكر الله اه وفي الموطأ أن أبا بكر قال لليهودية التي كانت ترقى عائشة أرقيها بكتاب الله وروى ابن وهب عن مالك كراهة الرقية بالحديدة والملح وعقد الخيط والذي يكتب خاتم سليمان وقال لم يكن ذلك من أمر الناس القديم وقال المازري اختلف في إسترقاء أهل الكتاب فأجازها قوم وكرهها مالك لئلا يكون مما بدلوه وأجاب من أجاز بأن مثل هذا يبعد أن يقولوه وهو كالطب سواء كان غير الحاذق لا يحسن أن يقول والحاذق يأنف أن يبدل حرصا على استمرار وصفه بالحذق لترويج صناعته والحق أنه يختلف باختلاف الاشخاص والأحوال وسئل ابن عبد السلام عن الحروف المقطعة فمنع منها ما لا يعرف لئلا يكون فيها كفر وسيأتي الكلام على من منع الرقي أصلا في باب من لم يرق بعد خمسة أبواب إن شاء الله تعالى (قوله هشام) هو ابن يوسف الصنعاني (قوله كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات) دلالته على المعطوف في الترجمة ظاهرة وفي دلالته على المعطوف عليه نظر لأنه لا يلزم من مشروعية الرقي بالمعوذات أن يشرع بغيرها من القرآن لاحتمال أن يكون في المعوذات سر ليس في غيرها وقد ذكرنا من حديث أبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم ترك ما عدا المعوذات لكن
(١٦٧)