بذلك لأن كمال الخلائق جمع فيه ذكره أبو حذيفة النجاري في المبتدأ عن ابن عباس وإسناده ضعيف وقيل لأن خلق آدم جمع فيه ورد ذلك من حديث سلمان أخرجه أحمد وابن خزيمة وغيرهما في أثناء حديث وله شاهد عن ابن أبي هريرة وذكره ابن أبي حاتم موقوفا باسناد قوي وأحمد مرفوعا باسناد ضعيف وهذا أصح الأقوال ويليه ما أخرجه عبد بن حميد عن ابن سيرين بسند صحيح إليه في قصة تجميع الأنصار مع أسعد بن زرارة وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة فصلى بهم وذكرهم فسموه الجمعة حين اجتمعوا إليه ذكره ابن أبي حاتم موقوفا وقيل لأن كعب بن لؤي كان يجمع قومه فيه فيذكرهم ويأمرهم بتعظيم الحرم ويخبرهم بأنه سيبعث منه نبي روى ذلك الزبير في كتاب النسب عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف مقطوعا وبه جزم الفراء وغيره وقيل أن قصيا هو الذي كان يجمعهم ذكره ثعلب في أماليه وقيل سمي بذلك لاجتماع الناس للصلاة فيه وبهذا جزم ابن حزم فقال إنه اسم اسلامي لم يكن في الجاهلية وإنما كان يسمى العروبة انتهى وفيه نظر فقد قال أهل اللغة أن العروبة اسم قديم كان للجاهلية وقالوا في الجمعة هو يوم العروبة فالظاهر أنهم غيروا أسماء الأيام السبعة بعد أن كانت تسمى أول أهون جبار دبار مؤنس عروبة شبار وقال الجوهري كانت العرب تسمي يوم الاثنين أهون في أسمائهم القديمة وهذا يشعر بأنهم أحدثوا لها أسماء وهي هذا المتعارفة الآن كالسبت والأحد إلى آخرها وقيل إن أول من سمي الجمعة العروبة كعب بن لؤي وبه جزم الفراء وغيره فيحتاج من قال إنهم غيروها إلى الجمعة فأبقوه على تسمية العروبة إلى نقل خاص وذكر ابن القيم في الهدى ليوم الجمعة اثنين وثلاثين خصوصية وفيها أنها يوم عيد ولا يصام منفردا وقراءة ألم تنزيل وهل أتى في صبيحتها والجمعة والمنافقين فيها والغسل لها والطيب والسواك ولبس أحسن الثياب وتبخير المسجد والتبكير والاشتغال بالعباد حتى يخرج الخطيب والخطبة والانصات وقراءة الكهف ونفي كراهية النافلة وقت الاستواء ومنع السفر قبلها وتضعيف أجر الذاهب إليها بكل خطوة أجر سنة ونفي تسجير جهنم في يومها وساعة الإجابة وتكفير الآثام وأنها يوم المزيد والشاهد المدخر لهذا الأمة وخير أيام الأسبوع وتجتمع فيه الأرواح إن ثبت الخير فيه وذكر أشياء أخر فيها نظر وترك أشياء يطول تتبعها انتهى ملخصا والله أعلم (قوله باب فرض الجمعة لقول الله تعالى إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) إلى هنا عند الأكثر وسياق بقية الآية في رواية كريمة وأبي ذر (قوله فاسعوا فامضوا) هذا في رواية أبي ذر عن الحموي وحده وهو تفسير منه للمراد بالسعي هنا بخلاف قوله في الحديث المتقدم فلا تأتوها تسعون فالمراد به الجري وسيأتي في التفسير أن عمر قرأ فامضوا وهو يؤيد ذلك واستدلال البخاري بهذه الآية على فرضية الجمعة سبقه إليه الشافعي في الأم وكذا حديث أبي هريرة ثم قال فالتنزيل ثم السنة يدلان على إيجابها قال بعدم بالإجماع أن يوم الجمعة هو الذي بين الخميس والسبت وقال الشيخ الموفق الأمر بالسعي يدل على الوجوب إذ لا يجب السعي إلا إلى واجب واختلف في وقت فرضيتها فالأكثر على أنها فرضت بالمدينة وهو مقتضى ما تقدم أن فرضيتها بالآية المذكورة وهي مدنية وقال الشيخ أبو حامد فرضت بمكة وهو غريب وقال الزين بن المنير وجه الدلالة من الآية الكريمة مشروعية النداء لها إذ الأذان من خواص الفرائض وكذا النهى عن البيع لأنه لا ينهى
(٢٩٢)