صحيح مقيم ولهذا الحديث شواهد كثيرة سيأتي ذكرها في الكلام عليه إن شاء الله تعالى ويؤيد ذلك قاعدة تغليب فضل الله تعالى وقبول عذر من له عذر والله أعلم ولا يلزم من اقتصار العلماء المذكورين في حمل الحديث المذكور على صلاة النافلة أن لا ترد الصورة التي ذكرها الخطابي وقد ورد في الحديث ما يشهد لها فعند أحمد من طريق ابن جريج عن ابن شهاب عن أنس قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهي محمة فحمى الناس فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد والناس يصلون من قعود فقال صلاة القاعد نصف صلاة القائم رجاله ثقات وعند النسائي متابع له من وجه آخر وهو وارد في المعذور فيحمل على من تكلف القيام مع مشقته عليه كما بحثه الخطابي وأما نفى الخطابي جواز التنفل مضطجعا فقد تبعه بن بطال على ذلك وزاد لكن الخلاف ثابت فقد نقله الترمذي شوال إلى الحسن البصري قال إن شاء الرجل صلى صلاة التطوع قائما وجالسا ومضطجعا وقال به جماعة من أهل العلم وأحد الوجهين للشافعية وصححه المتأخرون وحكاه عياض وجها عند المالكية أيضا وهو اختيار الأبهري منهم واحتج بهذا الحديث * (تنبيه) * سؤال عمران عن الرجل خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له بل الرجل والمرأة في ذلك سواء (قوله ومن صلى قاعدا) يستثنى من عمومه النبي صلى الله عليه وسلم فان صلاته قاعدا لا ينقص أجرها عن صلاته قائما لحديث عبد الله ابن عمرو قال بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة فأتيته فوجدته يصلى جالسا فوضعت يدي على رأسي فقال مالك يا عبد الله فأخبرته فقال أجل ولكني لست كأحد منكم أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وهذا ينبني على أن المتكلم انظر في عموم خطابه وهو الصحيح وقد عد الشافعية في خصائصه صلى الله عليه وسلم هذه المسئلة وقال عياض في الكلام على تنفله صلى الله عليه وسلم قاعدا قد علله في حديث عبد الله بن عمرو بقوله لست كأحد منكم فيكون هذا مما خص به قال ولعله أشار بذلك إلى من لا عذر له فكأنه قال إني ذو عذر وقد رد النووي هذا الاحتمال قال وهو ضعيف أو باطل * (فائدة) * لم يبين كيفية القعود فيؤخذ من إطلاقه جوازه على أي صفة شاء المصلى وهو قضية كلام الشافعي في البويطي وقد اختلف في الأفضل فعن الأئمة الثلاثة يصلي متربعا وقيل يجلس مفترشا وهو موافق لقول الشافعي في مختصر المزني وصححه الرافعي ومن تبعه وقيل متوركا وفي كل منها أحاديث وسيأتي الكلام على قوله نائما في الباب الذي يليه (قوله باب صلاة القاعد بالإيماء) أورد فيه حديث عمران بن حصين أيضا وليس فيه ذكر الإيماء وإنما فيه مثل ما في الذي قبله ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد قال ابن رشيد مطابقة الحديث للترجمة من جهة أن من صلى على جنب فقد أحتاج إلى الإيماء انتهى وليس ذلك بلازم نعم يمكن أن يكون البخاري يختار جواز ذلك ومستنده ترك التفصيل فيه من الشارع وهو أحد الوجهين للشافعية وعليه شرح الكرماني والأصح عند المتأخرين أنه لا يجوز للقادر الإيماء للركوع والسجود وإن جاز التنفل مضطجعا بل لابد من الإتيان بالركوع والسجود حقيقة وقد اعترضه الإسماعيلي فقال ترجم بالإيماء ولم يقع في الحديث إلا ذكر النوم
(٤٨٢)