لو استفتاه اثنان في قضية واحدة جاز أن يفتي كلا منها بما يناسب حاله وجواز إخبار المرء عن نفسه بما يستحق الثناء به عليه بقدر الحاجة (قوله باب الخروج إلى المصلي بغير منبر) يشير إلى ما ورد في بعض طرق حديث أبي سعيد الذي ساقه في هذا الباب وهو ما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة من طريق الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه قال أخرج مروان المنبر يوم عيد وبدأ بالخطبة قبل الصلاة فقام إليه رجل فقال يا مروان خالفت السنة الحديث (قوله حدثنا محمد بن جعفر) أي ابن أبي كثير المدني وعياض بن عبد الله أي ابن سعد بن أبي سرح القرشي المدني ورجاله كلهم مدنيون (قوله عن أبي سعيد) في رواية عبد الرزاق عن داود بن قيس عن عياض قال سمعت أبا سعيد وكذا أخرجه أبو عوانة من طريق بن وهب عن داود (قوله إلى المصلى) هو موضع بالمدينة معروف بينه وبين باب المسجد ألف ذراع قاله عمر بن شبة في أخبار المدينة عن أبي غسان الكناني صاحب مالك (قوله ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس) في رواية ابن حبان من طريق داود بن قيس عن عياض فينصرف إلى الناس قائما في مصلاه ولابن خزيمة في رواية مختصرة خطب يوم عيد على رجليه وهذا مشعر بأنه لم يكن بالمصلى في زمانه صلى الله عليه وسلم منبر ويدل على ذلك قول أبي سعيد فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان ومقتضى ذلك أن أول من اتخذه مروان وقد وقع في المدونة لمالك ورواه عمر بن شبة عن أبي غسان عنه قال أول من خطب الناس في المصلى على المنبر عثمان بن عفان كلمهم على منبر من طين بناه كثير بن الصلت وهذا معضل وما في الصحيحين أصح فقد رواه مسلم من طريق داود بن قيس عن عياض نحو رواية البخاري ويحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك مرة ثم تركه حتى أعاده مروان ولم يطلع على ذلك أبو سعيد وإنما اختص كثير بن الصلت ببناء المنبر بالمصلى لأن داره كانت مجاورة للمصلى كما سيأتي في حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم أتى في يوم العيد إلى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت قال ابن سعد كانت دار كثير بن الصلت قبلة المصلي في العيدين وهي تطل على بطن بطحان الوادي الذي في وسط المدينة انتهى وإنما بني كثير بن الصلت داره بعد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة لكنها لما صارت شهيرة في تلك البقعة وصف المصلي بمجاورتها وكثير المذكور هو ابن الصلت بن معاوية الكندي تابعي كبير ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ربع المدينة هو وأخويه بعده فسكنها وحالف بني جمح وروى بن سعد بإسناد صحيح إلى نافع قال كان اسم كثير بن الصلت قليلا فسماه عمر كثيرا ورواه أبو عوانة فوصله بذكر بن عمر ورفعه بذكر النبي صلى الله عليه وسلم والأول أصح وقد صح سماع كثير من عمر فمن بعده وكان له شرف وذكر وهو بن أخي جمد بفتح الجيم وسكون الميم أو فتحها أحد ملوك كندة الذين قتلوا في الردة وقد ذكر أبوه في الصحابة لابن منده وفي صحة ذلك نظر (قوله فإن كان يريد أن يقطع بعثا) أي يخرج طائفة من الجيش إلى جهة من الجهات (قوله خرجت مع مروان) زاد عبد الرزاق عن داود بن قيس وهو بيني وبين أبي مسعود يعني عقبة بن عمرو الأنصاري (قوله فجبذته بثوبه) أي ليبدأ بالصلاة قبل الخطبة على العادة وقوله فقلت له غيرتم والله صريح في أن أبا سعيد هو الذي أنكر ووقع عند مسلم من طريق طارق بن شهاب قال أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان فقام إليه رجل فقال الصلاة قبل الخطبة فقال قد ترك ما هنالك فقال أبو سعيد أما هذا فقد قضى ما عليه وهذا ظاهر في أنه غير أبي سعيد وكذا
(٣٧٤)