(قوله باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف) أورد فيه حديث أنس الذي في الباب قبله وقد تقدم الكلام عليه فيه (قوله حدثنا معاوية بن عمرو) هو من قدماء شيوخ البخاري وروى له هنا بواسطة فكأنه لم يسمعه منه وإنما نزل فيه لما وقع في الإسناد من تصريح حميد بتحديث أنس له فأمن بذلك تدليسه (قوله وتراصوا) بتشديد الصاد المهملة أي تلاصقوا بغير خلل ويحتمل أن يكون تأكيدا لقوله أقيموا والمراد بأقيموا سووا كما وقع في رواية معمر عن حميد عند الإسماعيلي بدل أقيموا واعتدلوا وفيه جواز الكلام بين اشتراط والدخول في الصلاة وقد تقدم في باب مفرد وفيه مراعاة الإمام لرعيته والشفقة عليهم وتحذيرهم من المخالفة (قوله باب الصف الأول) والمراد به ما يلي الإمام مطلقا وقيل أول صف تام يلي الإمام لا ما تخلله شئ كمقصورة وقيل المراد به من سبق إلى الصلاة ولو صلى آخر الصفوف قاله ابن عبد البر واحتج بالاتفاق على أن من جاء أول الوقت ولم يدخل في الصف الأول فهو أفضل ممن جاء في آخره وزاحم إليه ولا حجة له في ذلك كما لا يخفى قال النووي القول الأول هو الصحيح المختار وبه صرح المحققون والقولان الآخران غلط صريح انتهى وكأن صاحب القول الثاني لحظ أن المطلق ينصرف إلى الكامل وما فيه خلل فهو ناقص المنكر القول الثالث لحظ المعنى في تفضيل الصف الأول دون مراعاة يسير وإلى الأول أشار البخاري لأنه ترجم بالصف الأول وحديث الباب فيه الصف المقدم وهو الذي لا يتقدمه إلا الإمام قال العلماء في الحض على الصف الأول المسارعة إلى خلاص الذمة والسبق لدخول المسجد والقرب من الإمام واستماع قراءته والتعلم منه والفتح عليه والتبليغ عنه والسلامة من اختراق المارة بين يديه وسلامة البال من رؤية من يكون قدامة وسلامة موضع سجوده من أذيال المصلين (قوله باب إقامة الصف من تمام الصلاة) أورد فيه حديث أبي هريرة إنما جعل الإمام ليأتم به وسيأتي الكلام عليه في باب إيجاب التكبير قريبا وفي آخره هنا وأقيموا الصفوف الخ وهو المقصود بهذه الترجمة وقد أفرده مسلم وأحمد وغيرهما من طريق عبد الرزاق المذكورة عما قبله فجعلوه حديثين (قوله من حسن الصلاة) قال ابن رشيد إنما قال البخاري في الترجمة من تمام الصلاة ولفظ الحديث من حسن الصلاة لأنه أراد أن يبين أنه المراد بالحسن هنا وأنه لا يعني به الظاهر المرئي من الترتيب بل المقصود منه الحسن الحكمي بدليل حديث أنس وهو الثاني من حديثي الباب حيث عبر بقوله من إقامة الصلاة (قوله في حديث أنس فإن تسوية الصفوف) وفي رواية الأصيلي الصف بالافراد والمراد به الجنس (قوله من إقامة الصلاة) هكذا ذكره البخاري عن أبي الوليد وذكره غيره عنه بلفظ من تمام الصلاة كذلك أخرجه الإسماعيلي عن ابن حذيفة والبيهقي من طريق عثمان الدارمي كلاهما عنه وكذلك أخرجه أبو داود عن أبي الوليد وغيره وكذا مسلم وغيره من طريق جماعة عن شعبة وزاد الإسماعيلي من طريق أبي داود الطيالسي قال سمعت شعبة يقول داهنت في هذا الحديث لم أسأل قتادة أسمعته من أنس أم لا انتهى ولم أره عن قتادة إلا معنعنا ولعل هذا هو السر في إيراد البخاري لحديث أبي هريرة معه في الباب تقوية له واستدل ابن حزم بقوله إقامة الصلاة على وجوب تسوية الصفوف قال لأن إقامة الصلاة واجبة وكل شئ من الواجب واجب ولا يخفى ما فيه ولا سيما وقد بينا أن الرواة لم يتفقوا على هذه العبارة وتمسك ابن بطال بظاهر
(١٧٤)