وأجاب بأن في قوله إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي إشعارا بان الصلاة ذلك اليوم هي الأمر المهم وأن ما سواها من الخطبة والنحر والذكر وغير ذلك من أعمال البر يوم النحر فبطريق التبع وهذا القدر مشترك بين العيدين فحسن أن لا تفرد الترجمة بعيد النحر انتهى وقد تقدم الكلام على حديث عائشة مستوفى في الباب الذي قبله (قوله باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج) أي إلى صلاة العيد (قوله أخبرنا عبيد الله) هو بالتصغير وفي نسخة الصغاني حدثنا عبيد الله بن أنس بحذف أبي بكر هكذا رواه سعيد بن سليمان عن هشيم وتابعه أبو الربيع الزهراني عند الإسماعيلي وجبارة بن المغلس عند بن ماجة ورواه عن هشيم وتابعه قتيبة عند الترمذي وأحمد بن منيع عند بن خزيمة وأبو بكر بن أبي شيبة عند ابن حبان والإسماعيلي وعمرو بن عون عند الحاكم فقالوا كلهم عن هشيم عن محمد بن إسحاق عن حفص ابن عبيد الله بن أنس عن أنس قال الترمذي صحيح غريب وأعله الإسماعيلي بان هشيما مدلس وقد اختلف عليه فيه وابن إسحق ليس من شرط البخاري (قلت) وهي علة غير قادحة لأن هشيما قد صرح فيه بالإخبار فأمن تدليسه ولهذا نزل فيه البخاري درجة لأن سعيد بن سليمان من شيوخه وقد أخرج هذا الحديث عنه بواسطة لكونه لم يسمعه منه ولم يلق من أصحاب هشيم مع كثرة من لقيه منهم من يحدث به مصرحا عنه فيه بالأخبار وقد جزم أبو مسعود الدمشقي بأنه كان عند هشيم على الوجهين وأن أصحاب هشيم القدماء كانوا يروونه عنه على الوجه الأول فلا تضر طريق ابن إسحاق المذكورة قال البيهقي ويؤكد ذلك أن سعيد بن سليمان قد رواه عن هشيم على الوجهين ثم ساقه من رواية معاذ بن المثنى عنه عن هشيم بالاسنادين المذكورين فرجح صنيع البخاري ويؤيد ذلك متابعة مرجي بن رجاء لهشيم على روايته له عن عبيد الله بن أبي بكر وقد علقها البخاري هنا وأفادت ثلاث فوائد الأولى هذه والثانية تصريح عبيد الله فيه بالأخبار عن أنس والثالثة تقييد الأكل بكونه وترا وقد وصلها بن خزيمة والإسماعيلي وغيرهما من طريق أبي النضر عن مرجي بلفظ يخرج بدل يغدو والباقي مثل لفظ هشيم وفيه الزيادة وكذا وصله أبو ذر في زياداته في الصحيح عن أبي حامد بن نعيم عن الحسين بن محمد بن مصعب عن أبي داود الستجي عن أبي النضر وأخرجه الإمام أحمد عن حرمي بن عمارة عن مرجي بلفظ ويأكلهن أفرادا ومن هذا الوجه أخرجه البخاري في تاريخه وله راو ثالث عن عبيد الله بن أبي بكر أخرجه الإسماعيلي أيضا وابن حبان والحاكم من رواية عتبة بن حميد عنه بلفظ ما خرج يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقل من ذلك أو أكثر وترا وهي أصرح في المداومة على ذلك قال المهلب الحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد فكأنه أراد سد هذه الذريعة وقال غير لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى ويشعر بذلك اقتصاره على القليل من ذلك ولو كان لغير الامتثال لأكل قدر الشبع وأشار إلى ذلك بن أبي جمرة وقال بعض المالكية لما كان المعتكف لا يتم اعتكافه حتى يغدو إلى المصلى قبل انصرافه إلى بيته خشي أن يعتمد في هذا الجزء من النهار باعتبار استصحاب الصائم ما يعتمد من استصحاب الاعتكاف ففرق بينهما بمشروعية الأكل قبل الغدو وقيل لأن الشيطان الذي يحبس في رمضان لا يطلق إلا بعد صلاة العيد فاستحب تعجيل الفطر بدارا إلى السلامة من وسوسته
(٣٧٢)