قالت وما بي حب النظر إليهم ولكن أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ومكاني منه وزاد في النكاح في رواية الزهري فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو وقولها اقدروا بضم الدال من التقدير ويجوز كسرها وأشارت بذلك إلى أنها كانت حينئذ شابة وقد تمسك به من ادعى نسخ هذا الحكم وأنه كان في أول الإسلام كما تقدمت حكايته في أبواب المساجد ورد بأن قولها يسترني بردائه دال على أن ذلك كان بعد نزول الحجاب وكذا قولها أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي مشعر بأن ذلك وقع بعد أن صارت لها ضرائر أرادت الفخر عليهن فالظاهر أن ذلك وقع بعد بلوغها وقد تقدم من رواية بن حبان أن ذلك وقع لما قدم وفد الحبشة وكان قدومهم سنة سبع فيكون عمرها حينئذ خمس عشرة سنة وقد تقدم في أبواب المساجد شئ نحو هذا والجواب عنه واستدل به على جواز اللعب بالسلاح على طريق التواثب للتدريب على الحرب والتنشيط عليه واستنبط منه جواز المثاقفة لما فيها من تمرين الأيدي على آلات الحرب قال عياض وفيه جواز نظر النساء إلى فعل الرجال الأجانب لأنه إنما يكره لهن النظر إلى المحاسن والاستلذاذ بذلك ومن تراجم البخاري عليه باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة وقال النووي أما النظر بشهوة وعند خشية الفتنة فحرام اتفاقا وأما بغير شهوة فالأصح أنه محرم وأجاب عن هذا الحديث بأنه يحتمل أن يكون ذلك قبل بلوغ عائشة وهذا قد تقدمت الإشارة إلى ما فيه قال أو كانت تنظر إلى لعبهم بحرابهم لا إلى وجوههم وأبدانهم وإن وقع بلا قصد أمكن أن تصرفه في الحال انتهى وقد تقدمت بقية فوائده في أبواب المساجد وسيأتي بعد ستة أبواب وجه الجمع بين ترجمة البخاري هذا الباب والباب الآتي هناك حيث قال باب ما يكره من حمل السلاح في العيد إن شاء الله تعالى (قوله باب سنة العيدين لأهل الإسلام) كذا للأكثر وقد اقتصر عليه الإسماعيلي في المستخرج وأبو نعيم وزاد أبو ذر عن الحموي في أول الترجمة الدعاء في العيد قال ابن رشيد أراه تصحيفا وكأنه كان فيه اللعب في العيد يعني فيناسب حديث عائشة وهو الثاني من حديثي الباب ويحتمل أن يوجه بان الدعاء بعد صلاة العيد يؤخذ حكمه من جواز اللعب بعدها بطريق الأولى وقد روى ابن عدي من حديث واثلة أنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد فقال تقبل الله منا ومنك فقال نعم تقبل الله منا ومنك وفي إسناده محمد بن إبراهيم الشامي وهو ضعيف وقد تفرد به مرفوعا وخولف فيه فروى البيهقي من حديث عبادة بن الصامت أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال ذلك فعل أهل الكتابين وإسناده ضعيف أيضا وكأنه أراد أنه لم يصح فيه شئ وروينا في المحامليات بإسناد حسن عن جبير بن نفير قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنك وأما مناسبة حديث عائشة للترجمة التي اقتصر عليها الأكثر فقد قيل إنها من قوله وهذا عيدنا لإشعاره بالندب إلى ذلك وفيه نظر لأن اللعب لا يوصف بالندبية لكن يقربه أن المباح قد يرتفع بالنية إلى درجة ما يثاب عليه ويحتمل أن يكون المراد أن تقديم العبادة على اللعب سنة أهل الإسلام أو تحمل السنة في الترجمة على المعنى اللغوي وأما حديث البراء فهو طرف من حديث سيأتي بتمامه بعد باب وحجاج المذكور في الإسناد هو ابن منهال واستشكل الزين بن المنير مناسبته للترجمة من حيث أنه قال فيها العيدين بالتثنية مع أنها لا تتعلق إلا بعيد النحر
(٣٧١)