عبد الرحمن أيضا وخالفه تمام عنه فلم يذكر عبد الرحمن وفيما قال نظر فقد أخرجه الإسماعيلي عن الباغندي بإسقاط عبد الرحمن وكذا أخرجه أبو نعيم في المستخرج عن أبي إسحق بن حمزة وأبي أحمد الغطريفي كلاهما عن الباغندي فهؤلاء ثلاثة من الحفاظ حدثوا به عن الباغندي فلم يذكروا عبد الرحمن في الإسناد فلعل الوهم فيه ممن حدث به الدارقطني عن الباغندي وقد وافق البخاري على ترك ذكره محمد بن يحيى الذهلي عند الجوزقي ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة عند ابن خزيمة وعبد العزيز بن سلام عند الإسماعيلي وإسماعيل القاضي عند ابن منده في غرائب شعبة كلهم عن علي بن المديني ووافقه علي ابن المديني على ترك ذكره أيضا إبراهيم بن محمد بن عرعرة عن حرمي بن عمارة عند أبي بكر المروزي في كتاب الجمعة له ولم أقف عليه من حديث شعبة إلا من طريق حرمي وأشار ابن منده إلى أنه تفرد به عنه * (تنبيه) * ذكر المزي في الأطراف أن البخاري قال عقب رواية شعبة هذه وقال الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أبي بكر ابن المنكدر عن عمرو بن سليم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه ولم أقف على هذا التعليق في شئ من النسخ التي وقعت لنا من الصحيح ولا ذكره أبو مسعود ولا خلف وقد وصله من طريق الليث كذلك أحمد والنسائي وابن خزيمة بلفظ أن الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم والسواك وأن يمس من الطيب ما يقدر عليه (قوله باب فضل الجمعة) أورد فيه حديث مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة من اغتسل يوم الجمعة ثم راح الحديث وإسناده مدنيون ومناسبته للترجمة من جهة ما اقتضاه الحديث من مساواة المبادر إلى الجمعة للمتقرب بالمال فكأنه جمع بين عبادتين بدنية ومالية وهذه خصوصية للجمعة لم تثبت لغيرها من الصلوات (قوله من اغتسل) يدخل فيه كل من يصح التقرب منه من ذكر أو أنثى حر أو عبد (قوله غسل الجنابة) بالنصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي غسلا كغسل الجنابة وهو كقوله تعالى وهي تمر مر السحاب وفي رواية ابن جريج عن سمي عند عبد الرزاق فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة وظاهره أن التشبيه للكيفية لا للحكم وهو قول الأكثر وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة والحكمة فيه أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة ولا تمتد عينه إلى شئ يراه وفيه حمل المرأة أيضا على الاغتسال ذلك اليوم وعليه حمل قائل ذلك حديث من اغتسل واغتسل المخرج في السنن على رواية من روى غسل بالتشديد قال النووي ذهب بعض أصحابنا إلى هذا وهو ضعيف أو باطل والصواب الأول انتهى وقد حكاه ابن قدامة عن الإمام أحمد وثبت أيضا عن جماعة من التابعين وقال القرطبي إنه أنسب الأقوال فلا وجه لادعاء بطلانه وإن كان الأول أرجح ولعله عنى أنه باطل في المذهب (قوله ثم راح) زاد أصحاب الموطأ عن مالك في الساعة الأولى (قوله فكأنما قرب بدنة) أي تصدق بها متقربا إلى الله وقيل المراد أن للمبادر في أول ساعة ونظير ما لصاحب البدنة من النصارى ممن شرع له القربان لأن القربان لم يشرع لهذه الأمة على الكيفية التي كانت للأمم السالفة وفي رواية ابن جريج المذكورة فله من الأجر مثل الجزور وظاهره أن المراد أن الثواب لو تجسد لكان قدر الجزور وقيل ليس المراد بالحديث إلا بيان تفاوت المبادرين إلى الجمعة وأن نسبة الثاني من الأول نسبة البقرة إلى البدانة في القيمة مثلا ويدل عليه أن في مرسل طاوس عند عبد الرزاق كفضل صاحب الجزور
(٣٠٤)