فلا يختص العصر بذلك قال والحق أن الله تعالى يختص ما شاء من الصلوات بما شاء من الفضيلة انتهى وبوب الترمذي على حديث الباب ما جاء في السهو عن وقت العصر فحمله على الساهي وعلى هذا فالمراد بالحديث أنه يلحقه من الأسف عند معاينة الثواب لمن صلى ما يلحق من ذهب منه أهله وماله وقد روى بمعنى ذلك عن سالم بن عبد الله بن عمر ويؤخذ منه التنبيه على أن أسف العامد أشد لاجتماع فقد الثواب وحصول الإثم قال ابن عبد البر في هذا الحديث إشارة إلى تحقير الدنيا وأن قليل العمل خير من كثير منها وقال ابن بطال لا يوجد حديث يقوم مقام هذا الحديث لأن الله تعالى قال حافظوا على الصلوات وقال ولا يوجد حديث فيه تكييف المحافظة غير هذا الحديث (قوله باب من ترك العصر) أي ما يكون حكمة قال ابن رشيد أجاد البخاري حيث اقتصر على صدر الحديث فابقى فيه محلا للتأويل وقال غيره كان ينبغي أن يذكر حديث الباب في الباب الذي قبله ولا يحتاج إلى هذه الترجمة وتعقب بان الترك أصرح بإرادة التعمد من الفوات (قوله حدثنا مسلم بن إبراهيم) سقط عند الأصيلي بن إبراهيم (قوله حدثنا هشام) وقع عند غير أبي ذر أنبأنا هشام وهو ابن أبي عبد الله الدستوائي (قوله أخبرنا يحيى) عند غير أبي ذر حدثنا (قوله عن أبي قلابة) عند ابن خزيمة من طريق أبي داود الطيالسي عن هشام عن يحيى أن أبا قلابة حدثه (قوله عن أبي المليح) عند المصنف في باب التبكير بالصلاة في يوم الغيم عن معاذ بن فضالة عن هشام في هذا الإسناد أن أبا المليح حدثه وأبو المليح هو بن أسامة بن عمير الهذلي وقد تقدم أن اسمه عامر وأبوه صحابي وفي الإسناد ثلاثة من التابعين على نسق وتابع هشاما على هذا الإسناد عن يحيى بن أبي كثير شيبان ومعمر وحديثهما عند أحمد وخالفهم الأوزاعي فرواه عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهاجر عن بريدة والأول هو المحفوظ وخالفهم أيضا في سياق المتن كما سيأتي التنبيه عليه في باب التبكير المذكور إن شاء الله تعالى (قوله كنا مع بريدة) هو بن الحصيب الأسلمي (قوله ذي غيم) قيل خص يوم الغيم بذلك لأنه مظنة التأخير إما لمتنطع يحتاط لدخول الوقت فيبالغ في التأخير حتى يخرج الوقت أو لمتشاغل بأمر آخر فيظن بقاء الوقت فيسترسل في شغله إلى أن يخرج الوقت (قوله بكروا) أي عجلوا والتبكير يطلق لكل من بادر بأي شئ كان في أي وقت كان وأصله المبادرة بالشئ أول النهار (قوله فإن النبي صلى الله عليه وسلم) الفاء للتعليل وقد استشكل معرفة تيقن دخول أول الوقت مع وجود الغيم لأنهم لم يكونوا يعتمدون فيه إلا على الشمس وأجيب باحتمال أن بريدة قال ذلك عند معرفة دخول الوقت لأنه لا مانع في يوم الغيم من أن تظهر الشمس أحيانا ثم أنه لا يشترط إذا احتجبت الشمس اليقين بل يكفي الاجتهاد (قوله من ترك صلاة العصر) زاد معمر في روايته متعمدا وكذا أخرجه أحمد من حديث أبي الدرداء (قوله فقد حبط) سقط فقد من رواية المستملى وفي رواية معمرا أحبط الله عمله وقد استدل بهذا الحديث من يقول بتكفير أهل المعاصي من الخوارج وغيرهم وقالوا هو نظير قوله تعالى ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وقال ابن عبد البر مفهوم الآية أن من لم يكفر بالإيمان لم يحبط عمله فيتعارض مفهومها ومنطوق الحديث فيتعين تأويل الحديث لأن الجمع إذا أمكن كان أولى من الترجيح وتمسك بظاهر الحديث أيضا الحنابلة ومن قال بقولهم من أن تارك الصلاة يكفر وجوابهم ما تقدم وأيضا فلو كان على ما ذهبوا إليه لما
(٢٦)