لدلالة أحدهما على الآخر وقال الزجاج أعيد الضمير إلى المعنى أي انفضوا إلى الرؤية أي ليروا ما سمعوه * (فائدة) * ذكر القدرة في الجمع أن أبا مسعود الدمشقي ذكر في آخر هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال لو يضعانه حتى لم يبق منكم أحد لسال بكم الوادي نارا قال وهذا لم أجده في الكتابين ولا في مستخرجي الإسماعيلي والبرقاني قال وهي فائدة من أبي مسعود ولعلنا نجدها بالأسناد فيما بعد انتهى ولم أر هذه الزيادة في الأطراف لأبي مسعود ولا هي في شئ من طرق حديث جابر المذكورة وإنما وقعت في مرسلي الحسن وقتادة المتقدم ذكرهما وكذا في حديث ابن عباس عند بن مردويه وفي حديث أنس عند إسماعيل بن أبي زياد وسنده ساقط وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم أن الخطبة تكون عن قيام كما تقدم وأنها مشترطة في الجمعة حكاه القرطبي واستبعده وأن البيع وقت الجمعة ينعقد ترجم عليه سعيد ابن منصور وكأنه أخذه من كونه صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بفسخ ما تبايعوا فيه من العير المذكورة ولا يخفى ما فيه وفيه كراهية ترك سماع الخطبة بعد الشروع فيها واستدل به على جواز انعقاد الجمعة باثني عشر نفسا وهو قول ربيعة ويجئ أيضا على قول مالك ووجه الدلالة منه أن العدد المعتبر في الابتداء يعتبر في الدوام فلما لم تبطل الجمعة بانفضاض الزائد على الاثني عشر دل على أنه كاف وتعقب بأنه يحتمل أنه تمادى حتى عادوا أو عاد من تجزئ بهم إذ لم يرد في الخبر أنه أتم الصلاة ويحتمل أيضا أن يكون أتمها ظهرا وأيضا فقد فرق كثير من العلماء بين الابتداء والدوام في هذا فقيل إذا انعقدت لم يضر ما طرأ بعد ذلك ولو بقي الإمام وحده وقيل يشترط بقاء واحد معه وقيل اثنين وقيل يفرق بين ما إذا انفضوا بعد تمام الركعة الأولى فلا يضر بخلاف ما قبل ذلك وإلى ظاهر هذا الحديث صار إسحاق بن راهويه فقال إذا تفرقوا بعد الانعقاد فيشترط بقاء اثني عشر رجلا وتعقب بأنها واقعة عين لا عموم فيها وقد تقدم أن ظاهر ترجمة البخاري تقتضي أن لا يتقيد الجمع الذي يبقى مع الإمام بعدد معين وتقدم ترجيح كون الانفضاض وقع في الخطبة لا في الصلاة وهو اللائق بالصحابة تحسينا للظن بهم وعلى تقدير أن يكون في الصلاة حمل على أن ذلك وقع قبل النهى كآية لا تبطلوا أعمالكم وقبل النهى عن الفعل الكثير في الصلاة وقول المصنف في الترجمة فصلاة الإمام ومن بقي جائزة يؤخذ منه أنه يرى أن الجميع لو انفضوا في الركعة الأولى ولم يبق إلا الإمام وحده أنه لا تصح له الجمعة وهو كذلك عند الجمهور كما تقدم قريبا وقيل تصح إن بقي واحد وقيل إن بقي اثنان وقيل ثلاثة وقيل إن كان صلى بهم الركعة الأولى صحت لمن بقي وقيل يتمها ظهرا مطلقا وهذا الخلاف كله أقوال مخرجة في مذهب الشافعي إلا الأخير فهو قوله في الجديد وان ثبت قول مقاتل بن حيان الذي أخرجه أبو داود في المراسيل أن الصلاة كانت حينئذ قبل الخطبة زال الاشكال لكنه مع شذوذه معضل وقد استشكل الأصيلي حديث الباب فقال إن الله تعالى قد وصف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ثم أجاب باحتمال أن يكون هذا الحديث كان قبل نزول الآية انتهى وهذا الذي يتعين المصير إليه مع أنه ليس في آية النور التصريح بنزولها في الصحابة وعلى تقدير ذلك فلم يكن تقدم لهم نهى عن ذلك فلما نزلت آية الجمعة وفهموا منها ذم ذلك اجتنبوه فوصفوا بعد ذلك بما في آية النور والله أعلم (قوله باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها) أورد فيه حديث ابن عمر في
(٣٥٤)