وصرح بذلك معن بن عيسى وابن يوسف عند الإسماعيلي والدارقطني وزاد ابن وهب ثلاثتهم عن مالك بلفظ يرفع ذلك ومن اصطلاح أهل الحديث إذا قال الراوي ينميه فمراده يرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يقيده (قوله وقال إسماعيل ينمى ذلك ولم يقل ينمى) الأول بضم أوله وفتح الميم بلفظ المجهول والثاني وهو المنفى كرواية القعنبي فعلى الأول الهاء ضمير الشأن فيكون مرسلا لأن أبا حازم لم يعين من نماه له وعلى رواية القعنبي الضمير لسهل شيخه فهو متصل وإسماعيل هذا هو ابن أبي أويس شيخ البخاري كما جزم به القدرة في الجمع وقرأت بخط مغلطاي هو إسماعيل بن إسحاق القاضي وكأنه رأى الحديث عند الجوزقي والبيهقي وغيرهما من روايته عن القعنبي فظن أنه المراد وليس كذلك لأن رواية إسماعيل بن إسحاق موافقة لرواية البخاري ولم يذكر أحد أن البخاري روى عنه وهو أصغر سنا من البخاري وأحدث سماعا وقد شاركه في كثير من مشايخه البصريين القدماء ووافق إسماعيل بن أبي أويس على هذه الرواية عن مالك سويد بن سعيد فيما أخرجه الدارقطني في الغرائب * (تنبيه) * حكى في المطالع أن رواية القعنبي بضم أوله من أنمى قال وهو غلط وتعقب بأن الزجاج ذكر في كتاب فعلت وأفعلت نميت الحديث وأنميته وكذا حكاه ابن دريد وغيره ومع ذلك فالذي ضبطناه في البخاري عن القعنبي بفتح أوله من الثلاثي فلعل الضم رواية القعنبي في الموطأ والله أعلم (قوله باب الخشوع في الصلاة) سقط لفظ باب من رواية أبي ذر والخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية وتارة من فعل البدن كالسكون وقيل لابد من اعتبارهما حكاه الفخر الرازي في تفسيره وقال غيره هو معنى يقوم بالنفس يظهر عنه سكون في الأطراف يلائم مقصود العبادة ويدل على أنه من عمل القلب حديث على الخشوع في القلب أخرجه الحاكم وأما حديث لو خشع هذا خشعت جوارحه ففيه إشارة إلى أن الظاهر عنوان الباطن وحديث أبي هريرة من هذا الوجه سبق الكلام عليه في باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة من أبواب القبلة وأورد فيه أيضا حديث أنس من وجه آخر ببعض مغايرة (قوله عن أنس) عند الإسماعيلي من رواية أبي موسى عن غندر التصريح بقول قتادة سمعت أنس بن مالك (قوله أقيموا الركوع والسجود) أي أكملوهما وفي رواية معاذ عن شعبة عند الإسماعيلي أتموا بدل أقيموا (قوله فوالله أني لأراكم من بعدي) تقدم الكلام على معنى هذه الرواية وأغرب الداودي الشارح فحمل البعدية هنا على ما بعد الوفاة يعني أن أعمال الأمة تعرض عليه وكأنه لم يتأمل سياق حديث أبي هريرة حيث بين فيه سبب هذه المقالة وقد تقدم في الباب المذكور ما يدل على أن حديث أبي هريرة وحديث أنس في قضية واحدة وهو مقتضى صنيع البخاري في إيراده الحديثين في هذا الباب وكذا أوردهما مسلم معا واستشكل إيراد البخاري لحديث أنس هذا لكونه لأذكر فيه للخشوع الذي ترجم له وأجيب بأنه أراد أن ينبه على أن الخشوع يدرك بسكون الجوارح إذا الظاهر عنوان الباطن وروى البيهقي بإسناد صحيح عن مجاهد قال كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود وحدث أن أبا بكر الصديق كان كذلك قال وكان يقال ذاك الخشوع في الصلاة واستدل بحديث الباب على أنه لا يجب إذ لم يأمرهم بالإعادة وفيه نظر نعم في حديث أبي هريرة من وجه آخر عند مسلم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ثم انصرف فقال يا فلان ألا تحسن صلاتك وله في رواية أخرى أتموا الركوع والسجود وفي أخرى أقيموا
(١٨٧)