ركعة أي منفردة منفصلة ودل ذلك على أنه لا فرق عنده بين الوصل والفصل في الوتر والله أعلم وأما حديث عائشة فقد أعاده المصنف إسنادا ومتنا في كتاب صلاة الليل ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى وكأنه أراد بإيراده هنا أن لا معارضة بينه وبين حديث ابن عباس إذا ظاهر حديث ابن عباس فصل الوتر وهذا محتمل الأمرين وقد بين القاسم أن كلا من الأمرين واسع فشمل الفصل والوصل والاقتصار على واحدة وأكثر قال الكرماني قوله وان كلا أي وان كل واحدة من الركعة والثلاث والخمس والسبع وغيرها جائز وأما تعيين الثلاث موصولة ومفصولة فلم يشمله كلامه لأن المخالف من الحنفية يحمل كل ما ورد من الثلاث على الوصل مع أن كثيرا من الأحاديث ظاهر في الفصل كحديث عائشة يسلم من كل ركعتين فإنه يدخل فيه الركعتان اللتان قبل الأخيرة فهو كالنص في موضع النزاع وحمل الطحاوي هذا ومثله على أن الركعة مضمومة إلى الركعتين قبلها ولم يتمسك في دعوى ذلك إلا بالنهي عن البتيراء مع احتمال أن يكون المراد بالبتيراء أن يوتر بواحدة فردة ليس قبلها شئ وهو أعم من أن يكون مع الوصل أو الفصل وصرح كثير منهم أن الفصل يقطعهما عن أن يكونا من جملة الوتر ومن خالفهم يقول إنهما منه بالنية وبالله التوفيق والله أعلم (قوله باب ساعات الوتر) أي أوقاته ومحصل ما ذكره أن الليل كله وقت للوتر لكن أجمعوا على أن ابتداءه مغيب الشفق بعد صلاة العشاء كذا نقله ابن المنذر لكن أطلق بعضهم أنه يدخل بدخول العشاء قالوا ويظهر أثر الخلاف فيمن صلى العشاء وبان أنه كان بغير طهارة ثم صلى الوتر متطهرا أو ظن أنه صلى العشاء فصلى الوتر فإنه يجزئ على هذا القول دون الأول ولا معارضة بين وصية أبي هريرة بالوتر قبل النوم وبين قول عائشة وانتهى وتره إلى السحر لأن الأول لإرادة الاحتياط والآخر لمن علم من نفسه قوة كما ورد في حديث جابر عند مسلم ولفظه من طمع منكم أن يقوم آخر الليل فليوتر من آخره فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل ومن خاف منكم أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر من أوله (قوله وقال أبو هريرة) هو طرف من حديث أورده المصنف من طريق أبي عثمان عن أبي هريرة بلفظ وأن أوتر قبل أن أنام وأخرجه إسحق بن راهويه في مسنده من هذا الوجه بلفظ التعليق وكذا أخرجه أحمد من طريق أخرى عن أبي هريرة (قوله أرأيت) أي أخبرني (قوله نطيل) كذا للأكثر بنون الجمع وللكشميهني أطيل بالإفراد وجوز الكرماني في أطيل أن يكون بلفظ مجهول الماضي ومعروف المضارع وفي الأول بعد (قوله كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى) استدل به على فضل الفصل لكونه أمر بذلك وفعله وأما الوصل فورد من فعله فقط (قوله ويوتر بركعة) لم يعين وقتها وبينت عائشة أنه فعل ذلك في جميع أجزاء الليل والسبب في ذلك ما سنذكر في الباب الذي بعده (قوله وكأن) بتشديد النون (قوله بأذنيه) أي لقرب صلاته من الأذان والمراد به هنا اشتراط فالمعنى أنه كان يسرع بركعتي الفجر إسراع من يسمع إقامة للصلاة خشية فوات أول الوقت ومقتضى ذلك تخفيف القراءة فيهما فيحصل به الجواب عن سؤال أنس بن سيرين عن قدر القراءة فيهما ووقع في رواية مسلم أن أنسا قال لابن عمر إني لست عن هذا أسألك قال إنك لضخم ألا تدعني أستقرئ لك الحديث ويستفاد من هذا جواب السائل بأكثر مما سأل عنه إذا كان مما يحتاج إليه ومن قوله
(٤٠٥)